احتفلت المرأة العربية بيومها العالمي مبكراً هذا العام في ساحات تونس ومصر وليبيا واليمن، لتربطه بأول نصر لبنات جنسها في التاريخ حينما سجلن بفرح يومهن العالمي، وهو أمر لم يأت ببساطة أو عبر باقة ورد، كان طريقاً ملؤه الشوك والنّضال من أجل تثبيت حقهن إزاء الواجبات الكثيرة التي يقدّمنها للمجتمع والذي كثيراً ما ظلمهن عبر تاريخ طويل للمسيرة الحضارية، لقد تفاوت هذا الظلم وتباين حسب درجات النور والظلمة، ففي عهد النور كانت المرأة ثائرة ومناضلة ومعلّمة وحاكمة وحتى متمرّدة ضد جمود النص وانغلاق التفكير، وفي عهد الظلمة كانت المرأة هي الموءودة والمستعبدة والجاهلة وتلك التي تباع في سوق النخّاسين وبلاط مولانا وحرملك الباشا!
في القديم كان المجتمع ينقسم إلى معسكرين، معسكر الذّكورة الطاغي، الآمر، الناهي، المتصرف، ومعسكر الأنوثة المتلقّي المطيع، المنفّذ، والمتظلّم، لكن اللمسات الإنسانية التي وضعتها الحضارات المختلفة جعلت النظرة والفكرة الذّكورية تخفّف من وطأة تسلّطها، وجعلت الفكرة الأنوثية لتجهر بدعوتها وتتخلّص من فكرة أن المرأة جسد وجسدٌ فقط، وأنها كائن حقيقي طالما أدّى دوره في المحافظة على الجنس البشري وطالما كان المربي وباعث الحياة في الأشياء التي من حولنا وباعث الأمل والدفء واللون الجميل في يومنا!.
بدأت المرأة عالمها التحرّري الحديث عام 1820م في مصنع للخياطة في «نيو إنجلند» الأميركية حين أضربت النساء العاملات مطالبات بساعات أقل من العمل، يومها لقين الاستهزاء وعدم تلبية رغبتهن، لكنها كانت شمعة في طريق طويل مظلم، وفي عام 1834 م أضربت العاملات في مصنع القطن «لويل» وإن لم تأت ثماره في ذلك الحين إلا أنه أسمع العالم صرخة احتجاج أنثوية وتظلماً طالما كان محبوساً خلف جدران البيوت، وفي عام 1844 م أنشئت أول جمعية نسائية في أميركا وتطورّت إلى أن تم إنشاء الاتحاد الوطني النسائي في أميركا عام 1900م.
لقد ترافقت حركات التحرّر النسائي في الدول الأوروبية والدول الاسكندنافية، حيث عقد عام 1910م في كوبنهاجن أول مؤتمر نسائي عالمي وتلته فيما بعد ثلاثة مؤتمرات دولية أخرى، لكن الأمم المتحدة تأخرت في الاعتراف بيوم المرأة إلى عام 1977م على الرغم من أن وثيقتها أقرت في سان فرانسيسكو عام1945م، أما بالنسبة لليوم الثامن من مارس كيوم للمرأة العالمي فقد أجمعت عليه معظم النقابات والمنظمات النسائية في العالم، لأنه كان تاريخاً لوعد ملك بروسيا (ألمانيا) بحق المرأة في الانتخابات عام 1848م، واختيرت لهذا اليوم ثلاثة ألوان الأخضر والأبيض والبنفسجي تقديراً لما قامت به النساء في بريطانيا حين طالبن بحقّهن في الانتخابات عام 1908م حيث كنّ يحملن هذه الألوان الثلاثة: الأخضر تعبيراً عن الأمل والأبيض تعبيراً للنقاء والصفاء، والبنفسجي للكرامة والاحترام!



amood8@yahoo.com