كثر الشامتون بي بعد الهزيمة الفضيحة والقياسية التي نالها المنتخب الكوري الشمالي من البرتغال بسباعية نظيفة، والسبب أنني كتبت يوم خسارة كوريا الشمالية من البرازيل بهدفين مقابل هدف وبعد عرض تاريخي للفريق الآسيوي زاوية بعنوان «ملامح الرجال»، أبديت فيها إعجابي الشديد بالفريق الكوري، خاصة لاعبه جونج تاي، والذي بكى كثيراً حتى كاد أن يبكيني، وقلت فيما قلت وقتها إن دموعه اختزلت الكثير من المعاني وربما السنين.. وأنها كانت تعني لي حالة أكثر من كونها دموع الفرح بالعرض الجميل والممتع والندية التي اتسم بها المنتخب الكوري الشمالي. ومضيت في تلك الزاوية إلى البلد نفسها، كوريا الشمالية، وكيف أن ما فعلته دفعني لقضاء ليلة فيها، بين دروبها ووديانها وجبالها، وكافة معالمها، ويبدو أن من يقرأون استوقفتهم الزاوية الأولى، فما كادت تسقط كوريا بالسباعية حتى أصبحت وكأنني المدرب، لدرجة أن أستاذي «أبو أميرة»، عصام سالم، اقترح مازحاً أن يكون عنوان الغلاف بعد الخسارة السباعية للكوريين: «توقعات البادع تسقط بالسبعة»، ومن هذا التعليق الجميل على قلبي إلى بقية تعليقات «الربع» والأصدقاء، التي حملتني مسؤولية الخسارة، وكأنني كنت حارس المرمى الذي فتح «باب الحارة» أمام البرتغاليين أو اللاعبين الذين بدوا في صورة مغايرة تماماً للتي كانوا عليها أمام «السامبا». بالطبع لا أنوي التراجع عما كتبت ولا يداخلني الإحساس إطلاقاً بأنهم خذلوني، وإن كنت قد أدهشتني السباعية، حال الكثيرين الذين تابعت معهم المباراة وبدوا غير مصدقين مع كل هدف يدك مرماهم، وكأن لعنة الجرأة على السامبا قد أصابتهم فدفعوا ثمنها غالياً وقياسياً بهزيمة هي الأعلى حتى الآن في آخر بطولتين لكأس العالم. لعلكم تذكرون معي كيف أنني منذ البداية كنت أؤكد على حقيقة واحدة، وهي أن كأس العالم تلك بالتحديد غير قابلة للتكهنات، ودعوت القراء إلى أن يكونوا حياديين، يأخذوا من المونديال أجمل ما فيه دون أن ينحازوا لفريق دون آخر، حتى لا يصيبهم هذا الإحساس بالتراوح من الأعلى إلى الأسفل في كل جولة. وأذكر منذ بداية البطولة أننا في القسم الرياضي وعدد من الأقسام الأخرى، سطرنا توقعاتنا حول هوية البطل بأسماء أصحابها على جدول البطولة الذي كان قد صدر مع «الاتحاد»، وحين نراجعه الآن، يتمنى كل واحد منا لو حجب توقعه أو تمكن من التغيير، فلا فرنسا هي فرنسا ولا انجلترا هي انجلترا، وهناك من كان يرى أن أفريقيا ستكون صاحبة كلمة مسموعة في المونديال، فإذا بأفريقيا تتهاوى فريقاً بعد فريق، ولم يبق من حاملي اللواء الأسمر إلا من لو كان تأهله للدور الثاني أقصى الأماني. الخلاصة أنها الكرة، وما حدث لكوريا، لا يقل مثلاً عن خسارة سويسرا من تشيلي، والأولى هي من أحرجت بطل أوروبا، وحتى يأتي يوم إسدال الستار ، لن تتوقف المفاجآت ولن أتوقف عن الكتابة، حتى لو شربت من مقلب آخر أشبه «بالمقلب الكوري». كلمة أخيرة: في التوقعات كلنا «في الهوا سوا»، وتبقى الكرة الفائز الوحيد لأنها من تختار. mohamed.albade@admedia.ae