مازالت الجهات الحكومية عن تطبيق معايير الاستدامة تصّر على مواصلة تطبيق ما لم يتم فهمه إلى الآن من الأطراف المعنية في الأمر، ومازالوا متمسكين بأن يكون التطبيق إلزاميا بالرغم من عدم توفر المواد المطلوبة في عملية البناء في الأسواق المحلية. رخص البناء الجديدة تتكدس يوما بعد يوم وطوابير المنتظرين والمصطفين للبدء في بنائهم تتضاعف في مختلف مدن الإمارة. الجميع يرى أن الاستدامة برنامج رائع يساهم بشكل كبير في تخفيض نسبة استهلاك الطاقة إلا أن الضغط على الإلزام بالتطبيق منذ ما يقارب 5 شهور والنتيجة لم تصدر سوى عدد من الرخص التي تعد على أصابع اليد الواحدة، فذلك مؤشر لوجود خلل ولابد علينا من تداركه وإيجاد الحلول المناسبة له حتى لا نصل في نهاية المطاف إلى طريق مسدود، وبعدها لم نجد أمامنا سوى الإلغاء لهذا البرنامج. ما المانع لتطبيق البرنامج بصورة تدريجية حتى يستطيع كل من له علاقة فهمه؟ أو يتم تطبيقه بصورة اختيارية في بداية الأمر لمدة عام أو حتى عامين إلى أن يتم توريد جميع الأدوات المستلزمة في معايير الاستدامة في أسواقنا المحلية، وبعد أن تستقر أسعارها ويتعرف عليها الجميع يلزم جميع المباني بتطبيق استدامة بدلا من توقف السوق وشلل القطاع بسبب نقص فهم البعض لما هو مطلوب. لاشك أن برنامج الاستدامة سيساهم في رفع كلفة البناء بما لا يقل عن 30% والتي يرى فيها المتخصصون أنها عائدة لهم من خلال التوفير الذي سيجنيه ملاك العقارات في الطاقة المستخدمة لمبانيهم، ولكن لابد علينا من الوقوف على جانب مهم من ذلك. وهو منذ البداية حينما تأسست لجنة القروض المساكن كانت بدافع دعم المواطنين لبناء منازلهم ووقتها كان القرض لا يتجاوز 900 ألف درهم لكل مواطن، ومع مرور السنوات وزادت تكاليف البناء تم زيادة قيمة القروض إلى 1.2 مليون درهم وذلك حتى لا يلجأ المواطن للاقتراض من مصادر أخرى كالبنوك لاستكمال مشاريعهم السكنية، ومع كل ذلك زادت قيمة مواد البناء وزادت تكاليف البناء إلى أن جعلت المواطن يستغل القرض المخصص له من هيئة القروض ويقترض عليه من البنوك للتمكن من سداد تكاليف بناء بيت يأويه هو وعائلته، وبمكرمة من القيادة الرشيدة ولتوفير سبل العيش الكريم للمواطنين، تم مضاعفة قروض البناء للمواطنين إلى أن وصلت قيمة القرض إلى مليونين كما هو متعارف. اليوم ومع المطالب الجديدة في معايير الاستدامة ستكون قيمة القرض مليونين درهم غير كافية وتخلق مشكلة جديدة وهي استدانة فوق قيمة القرض لبناء منزل يتمتع بمواصفات ومعايير الاستدامة، والمقترح الذين يبنون مساكنهم اعتماداً على القروض لابد من مراعاتهم وعدم إضافة أعباء جديدة عليهم تجبرهم على اللجوء للديون، فلماذا لا يتم استثناء هذه الفئة من معايير استدامة وجعلها متطلبا اختياريا لهم.