عندما ينتهز الوقت فرصا لا نراها يسجل انطباعاته على وجوهنا، فلا ندرك ما حدث إلا عندما تجمعنا الصدف بمن نقيس على صور الذاكرة تجاعيدهم وعندما نهمس من ورائهم نقول “ماشاء الله على فلانة ما تغيرت” ونحن نقصد قول “ولّ عليها ما تعوّل.. بعدها شرا الذهب تندق وتنصاغ”، وبصراحة يتراءى للممعن من خلال ذلك تهالكنا وتهافتنا من أجل البقاء، فلا نتلفظ بإطراء، كذلك من وجه المديح وهذه النية المبيتة فطرية ويمارسها حتى محبي (السيد أوشوو) والمحافظين على الطاقة المتنقلة والريكي. هؤلاء المحافظون على شبابهم مثلنا في شيء، ومختلفون عنا في أشياء. فهناك ثمة سر في استمرارية شبابهم أو ما يوحي بذلك، وعندما اجتمعت بصاحبة الدلال قالت: “اندوج باخبرك عن سالفة، أمسات في السوق أشوف ثنينة صغار واحد ما علية زود وربيعه اللي وياه مب لين هناك وتموا وين ماسير إلاهم جدامي يالين ما “فاض بيه ومليت” جان أقول حق الغاوي منهم جانك تبى رقم التليفون “وأعد عليه رقمي” بس أبْى منك طلب واحد هذا اللي وياك لاترابعه يابوك ما يتشاهد!!”. فضحكت في سري كثيراً، فالموقف كما يبدو يشمل الجرأة وفرض احترام الهالة الشخصية التي تحيط المرء فينتهك متسللوها حرمة الأجواء التي تخص الذات والجسد. وفي عام 2000 تحدثت لطالباتي عن التحرش في العمل وفي الحياة عموماً وهدفي أن يكون هناك جيل بعيد عن مايعذب ذاكرته من ألم. وبما أنهن في مرحلة عصيبة من العمر، تحدثت عن التحرش الذي تثيره هرمونات البلوغ عند البعض، فقالت فتاة هادئة: وماذا تقولين يادكتورة عن المِْعزابةُ؟ فقلت: لذلك تفاسير كثيرة ففي اللسان هو نعت لمن طالت عزوبته حتى مالَه في الأَهل من حاجة. ويقول الأََزهري إنها نعت بالغ في المعني لرجل يكثر النهوض في ماله الَعـزيبِ يتبع مساقط الغيث وأنُفََ الَكلأ، فالأرض العزوبة هي أرض بعيدة المرعى. فقالت: وهل كان ذلك اختيارك؟ فأجبتها: إنه تقدير من الله، ولم أقع في فخ الغـزل أو الإطراء المباشر قط، فلقد كانت كلمة “ولكن” واردة في جمل الثناء وأحمد الله على ذلك فلربما أصابني مرض الغرور لو لم أسمع “ولكن” فهي واقعية في وقعها على القلب وحفظت كرامتي مراراً. فقالت تلك الحاذقة: يذكرني ذلك بمثل عربي قديم “إنما اشتريت الغنم حذار العازبة” فهناك رجل باع إبله وأشترى غنماً لئلا تعزب عنه، فعزبت غنمه، فهو بذلك ترفق أهون الأمور مؤونة، فلزمه فيها مشقة لم يحتسبها!! وقفزت فاقدة الصبر: “أنتو عن شوه تتكلمون بالضبط؟!! فقلت لصاحبة الحوار: هاذي لاترابعينها، هي لاتسمع ولاتحاول أن تفهم وموقفنا حرج عندما يكون التأمل معلم ملهم ومجاني، وتذكري قول عمر رضي الله عنه إن “أفضل الصبر التَّصبر”. أيها السادة للمرأة حق وهبها إياه الله حتى وأن تمنعن وهن عازبات. bilkhair@hotmail.com