كان الخبر هكذا “جماعة تطلق على نفسها حزب الإسلام تطبق الإعدام على مشاهدي مباريات مونديال كأس العالم” وفي تفاصيل الخبر أن هذا الحزب أو هذه المجموعة قد قامت بالفعل بقطع رأس اثنين من مجموعة أشخاص تجمعوا في مكان ما في العاصمة الصومالية مقديشو لمشاهدة إحدى مباريات كأس العالم، تخيلوا أن شيئاً كهذا يمكن أن يحدث في بلد كل ما فيه مرادف للكارثية والدمار والتخلف، ولم يكن ينقصه سوى أن تأتي جماعة تتدثر ظلماً وعدواناً بدثار الإسلام لتطبق على الناس الحد، ولا أدري أي حد هذا الذي يستحق الإعدام بقطع الرأس لمجرد مشاهدة مباراة في كرة القدم؟ هل أصبحت مشاهدة مباريات كأس العالم حراماً شرعاً؟
في عالم يموج بالتخلف والقهر والفوضى لا يصبح للإنسان ولا لحياته أية قيمة، وتصبح مباراة في كرة القدم أغلى من حياة إنسان، بل ربما تكون كرة القدم نفسها أغلى من حياة الإنسان، خاصة لهؤلاء الذين ظلموا الدين واتخذوه مطية لتخلفهم وأمراض نفوسهم وصاروا يرتكبون الجرائم باسمه، ويستبيحون حياة الناس باسمه وهو الدين السامي العظيم الذي أرسل رحمة للعالمين ونوراً وتحضراً، هو الدين الذي يعتبر دم المسلم أعظم عند الله من كل ما في السماوات وما في الأرض، مع ذلك فإن هناك من لا يتوانى عن الادعاء على الله وكأننا نعيش زمن محاكم التفتيش في القرون الوسطى.
الصومال وغير الصومال من الدول التي تعيش أوضاعاً مزرية محفوفة بالتخلف والفوضى السياسية وانعدام النظام والسلطة، دول تحيط بها المخاطر ويضربها البؤس في صميمها ومع ذلك فإنها تبتكر ما يزيد بؤسها وما يضاعف تخلفها، ومن ثم تسارع إلى اتهام الجميع بالتآمر عليها، فمن يتآمر على مجتمع اختار لنفسه أن يكون تحت سلطة هؤلاء الظلاميين؟
لقد أصبحنا في السنوات القليلة الماضية نعيش فوضى الفتاوى والاجتهادات التي لا تضيف لحياة المسلمين أي جديد، ولا تفتح لهم أية أبواب تجعلهم يتعاملون مع معطيات الحياة المعاصرة بكثير من المرونة والراحة والتيسير كما أراد الله لهذا الدين أن يكون، بل العكس هو ما يحدث من قبل أهل هذه الفتاوى، إنهم لا يبشرون ولا ييسرون بقدر ما يعسرون حياة الإنسان ويحصرونه في زوايا وممرات ضيقة لا مخارج لها، بل وأكثر من ذلك أنهم بهذه الفتاوى ينفرون المسلم من دينه ويجعلونه عرضة للسخرية، فماذا يستفيدون من وراء ذلك؟
قد تمر هذه الفتاوى ولا ينتبه إليها أحد أو قد تحدث في مدينة من مدن بلد معين ولا تحدث في كل البلدان، وقد يقول قائل إن الإسلام أعظم من أن تؤثر فيه هذه الخزعبلات والبدع، لكننا نقول إن الدين عظيم بلاشك، لكن هناك كثيرين يدفعون حياتهم ثمناً لهذا التخلف، فإذا حفظ الله الدين فمن يحفظ حياة هؤلاء المغلوبين على أمرهم ممن طارت أعناقهم بسبب فتوى هنا وفتوى هناك؟ ولنتصور أن تخرج مجموعة من هؤلاء الذين يدعون الغيرة على الإسلام ليطبقوا علينا حد القتل لمن يشاهد مباريات كأس العالم؟ تصوروا كم رأساً سيطير بلا سبب سوى انهم جلسوا أمام الشاشات بلا ذنب سوى البحث عن فرحة مباحة ومتعة حلال.. ألا قاتل الله الغباء والأغبياء!!

ayya-222@hotmail.com