الطيور أنواع والناس أجناس، تبهرنا الطيور بتحليقها وتغريدها، ويبهرنا البشر بكلامهم وأصواتهم، أنظر إلى طائر الوقواق يغرد وحيداً فوق الغصن، هذا الجميل متوسط الحجم يجذب كل من يشاهده، فصوت أنثى الوقواق الهادر كالماء لابد أن يشعرك بالراحة.. يشتهر الوقواق بنداء «كوكو»، انظر إليه فهو قريب منك يلمس وتراً في نفسك كأقرانه من الطيور.. ها هو يطير بسرعة وبانخفاض قريب من رأسك يعيش في الأماكن المكشوفة ويتغذى على يرقات الفرشات. سحر هذا الطير يتبخر كلما اقتربنا منه وتعرفنا على تفاصيل حياته، فهذا الطائر المخادع كما يحلو للبعض أن يسميه أو «الفهلوي» كما يراه البعض الآخر، ما هو إلا «غشاش» جميل يحلق من سماء إلى سماء ومن عش إلى آخر. يقوم الوقواق بوضع بويضة في أعشاش طيور من أنواع أخرى! ويخدع الوقواق الطيور ويجعلها تهتم بصغاره وإطعامهم. ويستجيب صغار هذا الطائر مع وضعها الجديد حيث تقوم بتقليد صوت الأم الجديدة لاستثارة عاطفتها! ويبدو أن «ابن الوز عوام» فصغار الوقواق تغير صوتها بتغييرها العش! يتغير الناس بتغير مصالحهم، وأمزجتهم وأوضاعهم.. إلخ هم ليسوا كطائر الوقواق، فالوقواق مخادع بالفطرة والغريزة لا يستند إلى العقل بخداعه هذا، بل على طبيعته التي خلق عليها، أما البشر فهم يقومون بذلك باستراتيجية وخطط وبمشاعر لا تعرف حقاً إن كانت موجودة!، ولكن ربما هناك من هو مخادع بالفطرة كطائر الوقواق فسبحان الله له في خلقه شؤون. والغريب أن الدراسة الأسترالية التي كشفت سلوك الطائرة لم تكشف حال الطيور الأخرى التي تتعرض للخداع، هذا المخادع النجم الذي شد الأضواء يتناسل في الصين والهند وبعض الدول الأوروبية، لكن البشر في كل مكان من بقاع العالم بأطباع مختلفة وأجناس مختلفة. قد نكون ظلمنا الوقواق بصفة الخداع كما ظلمنا الثعلب بالمكر، لأن مثل هذه الصفات يجب أن تطلق على من يعي ما يقوم به، والوعي هنا الإدراك الكامل للعملية «الفهلوة» أو المصلحة أو الخداع! وربما هم أساتذة يجعلونا ندرك بعض الصفات التي لا ندركها إلا إن مررنا بجانبها. «ليست حقيقة الإنسان بما يظهره لك، بل بما لا يستطيع أن يظهره، لذلك إذا أردت أن تعرفه فلا تصغ إلى ما يقوله بل إلى ما لا يقوله «هكذا قال جبران خليل جبران. وبـ«كوكو» غرد طائر الوقواق وشد انتباهنا إلى زقزقة صوته وبنصيحة لقمان لابنه سنتعامل مع مثل هذه الزقزقة «يا بني إذا افتخر الناس بحسن كلامهم فافتخر بحسن صمتك». ameena.awadh@admedia.ae