كثيرة هي الأحداث في كأس العالم.. كل منها يريد أن يجذبك إليه، فالنتائج تتغير بين عشية وضحاها، والمفاجآت تقع في اليوم الواحد أكثر من مرة.. الكبار يتساقطون، والصغار يصرون على أن يقولوا كلمتهم، وأن يخرجوا بالبطولة من العباءات التي اعتادتها، لكنني اليوم مُصر على الحديث عن «محاربي الصحراء».. أبناء الجزائر «الخضر».. الذين قدموا عرض العُمر أمام المنتخب الانجليزي، أحد المرشحين للمنافسة على لقب المونديال الأفريقي. لن أتحدث عن المكسيكيين، المشهورين بـ«فاهيتا الدجاج»، حيث يقطعون لحوم الدجاج إلى شرائح يضاف إليها الفلفل، والبهارات.. تماماً مثلما تفرجنا على درس عملي في المطبخ المكسيكي في مباراة فرنسا، ولكن الفارق أنهم استبدلوا الدجاج بـ«الديوك»، فقطعوهم إلى شرائح، غير عابئين بالتاريخ أو الجغرافيا، وغير مكترثين بدومينيك أو لاعبيه. ولن أتحدث عن صربيا التي تمضي بخطى واثقة، «دهست» فيها الألمان بصاعقة نزلت عليها لتزلزلها وتحيل رباعيتها أمام أستراليا إلى مصادفة، لم نعد واثقين هل ستتكرر ثانية أم لا. ولن أتحدث عن البرازيل أو هولندا أو سلوفينيا، فالحديث عن الجزائر هو الأحلى والأمتع.. تماماً مثلما كانت مباراتهم مع الإنجليز وروني ورفاقه، والتي كان في إمكان ممثلنا العربي أن ينهيها لصالحه، لو وفق في الفرص التي أتيحت له، ولو ترجم سيطرته فترات كثيرة إلى أهداف. ويحسب للشيخ رابح سعدان تشكيلته التي خاض بها المباراة، فقد فرحت كثيراً، حين عرفت أن الشاوشي ليس في التشكيلة، ومثلما كان ذلك كافياً لإنعاشي، كان كافياً ليفعل ذلك أيضاً بصفوف الفريق الشقيق الذي تحرر من عبء ثقيل، ودفع سعدان بنجم صاعد وواعد و«مقبول» وغير متعالٍ، هو مبولحي الذي كان سداً منيعاً، وظهر أن قدراته تفوق كثيراً سابقه الشاوشي، إضافة إلى سماته النفسية التي كانت امتداداً للاعبين في المقدمة، بعد أن منحهم الثقة في أكثر من اختبار. كما خاض رابح سعدان المباراة بخطة واقعية، ولكنها مفعمة بالأمل، وهو الأمل الذي استمده من مجريات المونديال الذي لم يعد يفرق بين كبير وصغير، وطوال المباراة شعرنا أن الفريق الجزائري ليس بالمنافس السهل، وصعدنا مع إيقاعه الذي بدأ هادئاً قبل أن يصل إلى ذروته مع نهاية المباراة، للدرجة التي وضع فيها الفريق الجزائري تحت ضغط دائم. وبالرغم من أن المنتخب الشقيق لم يحصد سوى نقطة واحدة من مباراتيه هي حصيلة التعادل مع الإنجليز، إلا أن كل شيء وارد في المجموعة، وإذا كان قد تعادل مع انجلترا فبإمكانه أن يفوز على الأميركيين، المهم ألا يعبأ بأي حسابات وأن يخوض المباراة بنفس الروح التي خاض بها المواجهة الانجليزية، وأن يعلم أن الشمس في كأس العالم تتسع للجميع، وأن القادم مستعد للمفاجآت، التي لم يعد هناك توقيت لحدوثها أو منطق للتعاطي معها. الجزائريون قادرون على المزيد، وما فعلوه مع إنجلترا يكفيهم، ولكنه لا يكفينا لأن آمالنا تصاعدت ووصلت إلى ذروتها، ولكن المشكلة أن الحسابات لم تعد فقط بأيدي الأشقاء، وإنما هناك آخرون لهم حساباتهم. كلمة أخيرة بعد مباراة الجزائر أمس الأول “اطمنت شوي” على الأبيض!! mohamed.albade@admedia.ae