لا شك أن مشاريع القوانين الاقتصادية الجديدة التي يجري العمل على إصدارها بصيغتها النهاية ستسهم في تحسين البيئة الاستثمارية للدولة في كافة مناحي الحياة. فالقوانين التي يتم إعدادها حالياً وعلى رأسها مشروع قانون الشركات والاستثمار الأجنبي، وقانون المنافسة تمس بشكل مباشر عصب الاقتصاد، وتحاكي تلك القوانين المعمول بها في الدول المتقدمة اقتصاديا. إقرار مجموعة القوانين بالسرعة المطلوبة وتطبيقها على أرض الواقع من شأنه أن يحدث نقلة نوعية في التشريعات ذات العلاقة بمناخ الأعمال، ويضع الدولة في مراتب متقدمة ضمن مؤشرات التنافسية على المستويين العالمي والإقليمي. بالنظر إلى مشروع قانون الشركات الذي أخذ وقتاً كافياً من البحث والتنقيح نجد أنه عالج العديد من الثغرات الواردة في القانون السابق، حيث وضع إطاراً عاماً للحوكمة يهدف إلى حماية حقوق المساهمين وتحقيق الشفافية والإفصاح في البيانات المالية، مما يجنب الشركات الوقوع في مآزق مالية ناجمة عن فساد الإدارة والتلاعب بأموال المساهمين، واتخاذ القرارات العشوائية بناءً على مصالح فئات معينة. ويحسب لمشروع القانون أنه ركز على معالجة البيروقراطية في الإجراءات التنظيمية، حيث قلل من المدة الزمنية المستغرقة في تأسيس الشركات المساهمة العامة، ونظم عمليات الاكتتاب وتداول أسهم المؤسسين، كذلك نص على ضرورة تشكيل لجنة للرقابة الداخلية، من شأنها أن تطلع على تفاصيل عمل الشركة، وتنبه بصورة قانونية إلى الأخطاء التي يمكن أن تقع فيها الإدارة العليا. أما مشروع قانون الاستثمار الأجنبي الذي جاء بهدف تشجيع تدفق رؤوس الأموال، فقد ركزت بنوده على أهمية إزالة حالة التعددية في تنظيم العملية الاستثمارية بالدولة، من حيث الإجراءات والتسجيل والترخيص، وهذا الأمر يعزز الثقة في المناخ الاستثماري ويساعد المستثمر على اتخاذ قراره ضمن رؤية واضحة، كذلك منح القانون حرية الاستثمار والمساواة بين رأس المال الوطني والأجنبي في العديد من المجالات الاستثمارية. وجاء مشروع قانون المنافسة لترسيخ مبدأ تعزيز آليات السوق، ومحاربة الممارسات الاحتكارية بكافة أشكالها، في إطار التزام الدولة بالاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقية منظمة التجارة العالمية. لا بد من التأكيد على أهمية الإسراع في إخراج مجموعة القوانين المحفزة للنمو الاقتصادي والمناخ الاستثماري، إلى حيز الوجود كحزمة متكاملة تدعم الاقتصاد الوطني في هذه المرحلة التي من شأنها أن تؤكد بوادر تعافي الاقتصاد من تداعيات الأزمة المالية العالمية، وتضعه في مكانه الحقيقي. omar.rabaia@admedia.ae