لا صوت يعلو هذه الأيام على صوت المونديال، وهو أمر طبيعي، فهذه البطولة على مر تاريخها تمتعت بسحر وجاذبية غير عاديين، وملكت القدرة على جذب مختلف الأشخاص ودفعهم للالتصاق بها مرة كل أربعة أعوام.
من يفهم في الكرة ومن لا يفهم، الكل يحرص على المونديال، من يفهم يتابع بحكم الارتباط باللعبة وتشجيع المنتخب أو النجم الذي يحب، والذي لا يفهم أو بمعنى آخر وألطف المهتم بدرجة أقل، يتابع من باب الفضول ومن باب مسايرة الوضع العام؛ لأنه أينما يلتفت يجد نفسه محاصرا بإشارة أو علامة دالة على كأس العالم.
في المونديال تتضارب وجهات النظر، في الجانب النسائي على سبيل المثال ينظرون للبطولة من زاوية أنها «تفرق بين المرء وزوجه»، بما أن معظم الأزواج مشغولون عن زوجاتهم بمتابعة المباريات والأخبار والتحليلات، وهو أمر لا تقبله أي زوجه على نفسها، بأن تنافسها كرة منفوخة من الجلد.
ومن جانب الطلبة، نجد أولياء الأمور يضعون أيديهم على قلوبهم في أن تمر أيام الامتحانات على خير، وأن يهدي الله أبناءهم بالتركيز على مذاكرة التاريخ والفيزياء وليس متابعة ميسي ورونالدو، وهو أمر ليس بالهين، حث الأبناء على المذاكرة مهمة ترفع الضغط في الأيام العادية، فكيف هو الحال في أيام المونديال.
دائرة الاهتمام طالت الجميع بما فيهم علماء الدين الذين تفاعلوا مع الحدث، من خلال إصدار مجموعة من المحاضرات والخطب، التي تصب جميعها في خانة التذكير بأن المونديال لا يجب أن ينسينا ذكر الله.
وقبل أيام تلقيت على «الإيميل» مجموعة من المواعظ الخاصة بالمونديال، منها محاضرة للشيخ أبو إسحاق الحويني، يقول في جزء منها: «إن مشاهدة وممارسة كرة القدم قد صارت أمرا تضاع فيه الأوقات و تهدر الساعات، فالكثير من الناس يقضي وقت العصر في ممارستها والمساء والليل في مشاهدتها، أما الصبح والظهر فهما أخصب الأوقات لمطالعة الصحف الرياضية و تحليل المباريات».
ولو تمعنا قليلا في الكلمات السابقة لوجدناها حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها، بعد أن أصبحت الكرة عند البعض «تجري مجرى الدم من العروق» وتشغل باله صباح مساء، وفي أيام المونديال ترتفع المتابعة وتزيد إلى حد الهوس الذي يحتاج إلى علاج.


Saif.alshamsi@admedia.ae