اليوم تضع معركة امتحانات الصف الثاني عشر أوزارها، ورغم هذه التسمية الجديدة، للتخفيف من وطأة “بعبع” الثانوية العامة، إلا أن مظاهر القلق والخوف ظلت مسيطرة على المشهد، مع اعتماد أساليب جديدة وأنماط حديثة في وضع الأسئلة. بدليل الاستنفار الذي يواكب كل جولة من جولات المعركة المتواصلة على الساحة التعليمية منذ عقود على دخول التعليم النظامي، واكتساب أنماط مختلفة تتلون مع كل مرحلة جديدة في وزارة التربية والتعليم والمجالس التعليمية. ومع هذا التطوير والتعديل تظل النظرة السائدة لمرحلة الصف الثاني عشر بأنها عنق زجاجة يتطلب عبورها كل ذلك الاستنفار والقلق الذي يعبر عن نفسه بالمساحات التي تفرد ليوميات المعركة في وسائل الإعلام ليس عندنا فقط، وإنما في عموم منطقتنا العربية. لأن ذات النظرة هي السائدة، وإن اختلفت الأدوات والمعايير الخاصة بهذه المرحلة التعليمية ذات الخصوصية، ومع هذا لا زالت المخرجات على حالها المتواضع، بل إن دراسة أعلن عنها أخيرا أظهرت أن هذه المرحلة التعليمية تعد أكثر المراحل التي تشهد تسربا دراسيا، خاصة في صفوف الطلاب المواطنين الذين يتجهون الى خيارات وبدائل في مؤسسات ودوائر حكومية مختلفة، تقوم باستقطابهم وتأهيلهم وفق برامجها واشتراطاتها الخاصة بها.
نودع هذه الجولة من معركة الامتحانات، لنستعد بعد ذلك للعام الدراسي المقبل، والذي سيشهد إدخال أنظمة وتجارب جديدة لنظامنا التعليمي. فقد أعلنت وزارة التربية والتعليم أنها ستطبق نظام الفصول الثلاثة على العام الدراسي، بينما أعلن مجلس أبوظبي للتعليم عن إدخال تجربة التعليم الفنلندية الى مدرستين من مدارسه قبل تعميم التجربة. وبلا شك فإن ذلك سيمثل إضافة إلى طيف التجارب التعليمية المتنوعة. وبحسب المسؤولين في المجلس فإن “البيداغوجية” أو تجربة التعليم الفنلندية أصبحت محور اهتمام عالمي في الوقت الحالي، وذلك لتطبيقه نهج “معلم الصف” وتنفيذه لمناهج تعليمية حديثة ومبتكرة. وفي المدرستين اللتين سيطبق فيهما النظام الجديد سيكون المدير فنلنديا ونائبه مواطنا، وسيتولى المعلمون الفنلنديون التدريس باللغة الانجليزية مواد الرياضيات والعلوم واللغة الانجليزية وعلوم الكمبيوتر، بينما ستتولى معلمات مواطنات تدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية والاجتماعيات.
وقد تابعت تصريحات الدكتور مغير الخييلي مدير عام المجلس بالمناسبة، وهو يؤكد بأن المجلس “لا يجلب نظاما تعليميا ويطبقه في أبوظبي، وإنما يأخذ من هذا النظام التعليمي ما يناسب أبوظبي”. بما يعبر عن الحرص على خصوصية البيئة المحلية والتعريف بها للآخرين ممن يتم استقدامهم للعمل ضمن مكونات العملية التربوية والتعليمية في الدولة، وفي هذا الإطار كانت للمجلس تجارب ملموسة لعل في مقدمتها تجربة استقدام معلمي اللغة الأم” أو النيتف سبيكرز”، كما حمل ذلك الحرص مواقف حازمة للمجلس في وجه أي إخلال من قبل الذين يتم استقدامهم بالهدف الأساسي لهذه المشاريع التطويرية في الميدان التربوي والتعليمي.
ونحن نختم اليوم هذه الجولة من المعركة الامتحانية تتطلع الأعين ليوم الاثنين عندما تظهر النتائج، وعندها “يكرم المرء أو يهان” ولكل مجتهد نصيب مع النمط الجديد للورقة الامتحانية وأسلوب الأسئلة الذي اتفق الكثيرون في الميدان على نوعيته المختلفة، لعل وعسى أن يفي بالهدف المرجو منه.



ali.alamodi@admedia.ae