بعد التعادل المثير بين البرتغال وكوت ديفوار وقبل أن تبدأ مباراة البرازيل وكوريا الجنوبية بدأت التكهنات بأن هذه المجموعة السابعة ستكون حديث الناس .. قالوا إن البرازيل ستكون بالطبع في المركز الأول وأن صراعا رهيبا سيكون بين البرتغال وكوت ديفوار على المركز الثاني، وراحت التكهنات بعيدا حيث ترتيب المباريات المتبقية في هذه المجموعة، وقالوا من سوء حظ كوت ديفوار أن المباراة الأخيرة في هذه المجموعة ستكون بين أبناء العمومة البرازيليين والبرتغاليين وعندها ستكون البرازيل قد ضمنت الصعود ولا مانع أن تلعب للتعادل الذي سيكون كافيا لصعود البرتغال مهما كانت نتيجة المباراة الأخيرة لكوت ديفوار أمام كوريا حتى لو فازت كوريا بالعشرة.
لقد بنيت كل هذه الحسابات من منطلق أن الفريق الكوري الشمالي سيكون حصالة المجموعة، وبدأت مباراة كوريا والبرازيل وإذا بكل أصحاب الحسابات يتراجعون بعد أن شاهدوا منتخبا شجاعا اسمه كوريا الشمالية .. يلعب أمام البرازيل بلا مركبات نقص .. بل يسعى جاهدا لأن يفوز ! انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي وبأداء كوري لافت .. وعندما جاء الشوط الثاني كشر الفريق البرازيلي عن أنيابه وبصعوبة بالغة سجل هدف السبق بمهارة لا تحدث إلا مرة واحدة في المونديال.. عندما تمكن نجم المباراة الظهير الأيمن “ مايكون “ من تسجيل الهدف العجيب من على الخط الموازي للمرمى .. ليفتح الأبواب للفوز البرازيلي .. وعندما سجلت البرازيل هدفا ثانيا توقع البعض انهيارا كورياً من ناحية، وعدم القدرة على تهديد مرمى البرازيل من ناحية ثانية، لدرجة أن المعلق المعروف عصام الشوالي قال إن كوريا لن تسجل في البرازيل ولو لعبت شهرين .. فإذا بالفريق الكوري يرد على الفور بهدف رائع لا يصد ولا يرد .. ليضيق الفارق وتنتهي المباراة بهدفين مقابل هدف وبعرض شجاع وقوي من الكوري الشمالي .. ولعل هذا التماسك والأداء المنضبط الشجاع قد جعل المحللين يراجعون أنفسهم مرة أخرى.
لفت انتباهي حالتان من البكاء في مباراة البرازيل وكوريا الشمالية .. فأثناء عزف السلام الوطني الكوري اصطادت الكاميرا أحد اللاعبين الكوريين وهو يبكي بحرارة .. وخلال المباراة وبعد أن سجل الظهير البرازيلي “مايكون” هدفه الرائع استسلم لحالة بكاء شديدة خلال تهنئة زملائه .. ومشاعر البكاء نقدرها في الحالتين لأنها وليدة اللحظة .. لكن شتان بين لاعب يبكي من أجل وطنه ولاعب يبكي من أجل نفسه.
بعد مشادة بسيطة بين كريستيانو رونالدو نجم البرتغال وبين رقيبه المدافع العاجي “جي ديميل” تدخل النجم اللامع دروجبا على الفور ولف ذراعه بحميمية حول كتفي رونالدو وكانت الكاميرا هناك تلتقط صورة مبتسمة جميلة بين اللاعبين الكبيرين .. وبالمناسبة فالفريق العاجي هو أخطر الفرق الإفريقية على الإطلاق .. ويستطيع أن يذهب بعيدا لو نجا من مقصلة الدور الأول الصعبة في هذه المجموعة الحديدية.
أما بعد
قال مدرب نيوزيلندا في المؤتمر الصحفي قبل مباراة فريقه مع سلوفاكيا “جئنا من أجل الاستمتاع بكأس العالم”.. وقد ذكرني هذا التصريح بما قاله كارلوس ألبرتو قبل أيام من مشاركة منتخبنا الوطني في كأس العالم 90 بإيطاليا: “ذاهبون للاستمتاع بكأس العالم “ وهو التصريح الذي أحدث جدلا و كتبته “الاتحاد” على لسان كارلوس ولازالت الناس تتذكره حتى الآن. والفارق أن نيوزيلندا تمكنت من تعادل تاريخي أما سلوفاكيا فاستمتعت وأمتعت .. أما نحن فاستمتعنا فقط ولم نمتع !



mahmoud_alrabiey@admedia.ae