نستبق حلول الصيف في بعض الإمارات الشمالية بابتهالات لئن يكون فصلا بلا انقطاعات كهربائية، خاصة وأن بعض الدوائر والجهات تبث فينا روح التفاؤل بأن الأمور ستكون تحت السيطرة، ولكن سرعان ما تتبخر تلك الوعود والآمال تحت وطأة الحرارة الشديدة.
معاناة أهالي خورفكان مع الكهرباء التي تجددت انقطاعاتها بالأمس على فترتين ليست إلا صورة من صور واقع مؤلم لهذا القطاع بالشارقة ورأس الخيمة تحديداً حيث تنقطع الكهرباء في أحايين كثيرة لأكثر من سبع ساعات ، وكذلك في مناطق من عجمان، بصورة عجزت معه الحلول المؤقتة والمسكنات .
ومع كل انقطاع تتجدد مشاهد تلك المعاناة والأهالي يخرجون ومن بينهم مسنون ومرضى ورضع في جولات إجبارية بالسيارات أو نحو المراكز التجارية الكبيرة التي تعتمد على محولاتها الخاصة هرباً من الحرارة الشديدة والرطوبة العالية، بينما يستسلم الطلاب الذين يخوضون امتحاناتهم هذه الأيام للواقع، ولا يجدون بداً من الاستذكار على أنوار السيارات وأضواء مصابيح الطوارئ. وتلوذ هيئات الكهرباء بالصمت حول ما يجري، وإن ردت تطلق ردوداً لا تستقيم مع أي منطق أو تخفف من غضب الأهالي بعد أن تركتهم يسبحون في الظلام والعرق، ويتحسرون على ما يجري واتلف ما بالثلاجات. والشيء المؤكد الذي تتقنه دوائر الكهرباء تلك إرسال الفواتير الملتهبة في مواعيدها، وعند أي تأخير في سدادها يكون فصل التيار أسرع إجراءاتها.
لقد تسببت عثرة الكهرباء في بعض مناطق الإمارات الشمالية إلى جانب معاناة الأهالي في تعطيل مشاريع تجارية واقتصادية، وتكبد مستثمرون وتجار خسائر كبيرة بعد أن وجدوا مشروعاتهم قد اكتمل بنيانها ومع ذلك لا تعمل ولا تحقق العائد المرجو منها بسبب تأخر وصول الكهرباء، وبالأخص أولئك الذين استثمروا في القطاع العقاري والإنشاءات، وتابعنا كيف لجأ البعض منهم للاستعانة بالمولدات الكهربائية الخاصة على الرغم من الخطورة المترتبة على هذا الأمر. والذي كان أيضاً موضع ملاحقة ومنع من بعض البلديات وبالأخص في الشارقة، كما لو أنها لا تدري بمعاناة الناس الذين اضطرهم الوضع المرير لحلول مؤقتة أكثر مرارة وخطورة، خاصة في ظل التعامل مع فئات من العمالة الآسيوية غير الماهرة.
والأمر الذي يثير التساؤل أكثر يتعلق بالدور المأمول من الهيئة الاتحادية للماء والكهرباء، وهي التي يفترض بها تقديم حلول ناجعة ومساعدة الهيئات المحلية الأخرى على تجاوز واقع النقص الذي تعاني منه الهيئات المحلية وعجزها عن توفير الطاقة المطلوب منها توفيره سواء في الماء أو الكهرباء، وبالأخص في الأخيرة التي تتعطل معها مصالح الناس وتنقلب فيها أحوالهم. إن استمرار هذا الوضع الذي لا يتناسب مع ما تشهده الدولة من تقدم وتطور، يطرح كذلك تساؤلات عن غياب برامج لإشراك القطاع الخاص في أي خطط مستقبلية لتعزيز إمدادات الكهرباء في المناطق التي تعاني عجزاً، وذلك الى حين اكتمال برامج الربط الكهربائي وغيرها . وإلى أن تظهر نتائج تلك التوسعات والبرامج نتمنى من هيئات الكهرباء في المناطق التي تعاني نقصاً حاداً في الكهرباء أن تكون على قدر المسؤولية المناطة بها باعتماد خطط عاجلة لسد النقص بدلا من ترك الناس هائمين بسياراتهم!!.

ali.alamodi@admedia.ae