تابعت قبل أيام حفل شاي أقامه مكتب السفارة البريطانية في دبي، وشاي بعد الظهر من التقاليد الإنجليزية العريقة، وهو ليس بموضوعنا. فما استوقفني أن القنصل البريطاني في دبي ماندي سميث خصصت الحفل لتذكير مواطنيها بضرورة احترام قوانين وعادات وتقاليد البلد الذي هم فيه.
وقالت إن الإمارات ثاني منطقة في العالم بعد تايلاند يواجه فيها البريطانيون دعاوى قانونية لعدم التزامهم بالقوانين المحلية، وجهلهم بعادات وتقاليد الإمارات التي وصفتها بأنها أكثر أماناً من المملكة المتحدة. ووصفت تصرف وقضية بريطانيين من أصول آسيوية مسلمة اعتقلا في دبي بسبب علاقتهما خارج رباط الزوجية وتناولهما المسكرات بأنه “قبيح”. وقالت أن تعود علاقة الشخصين لخمسة عشر عاماً في بريطانيا لا يعني أنها ستصبح شرعية في دبي، طالما أنها غير قانونية، وأن امتلاك تصريح لشراء الكحول لغير المسلمين لا يعد تصريحاً بتناولها في العلن أو الوجود في الأماكن العامة والمرء فاقد العقل والسيطرة على تصرفاته. ولم تكتف السفارة بالتحذير بل وزعت على الحضور ما يمكن اعتباره “مدونة سلوك” للالتزام بها والابتعاد عن التصرفات الواردة التي تضع صاحبها تحت طائلة القانون فيها واستفزاز أفراد المجتمع، وشملت الزي غير المحتشم والقيادة تحت تأثير الكحول واستخدام لغة غير لائقة وحركات اليد وإصدار شيكات من دون رصيد وتعاطي المخدرات”.
وقالت المسؤولة البريطانية إن الإمارات كانت دوماً متسامحة فاحرصوا على المجتمع الذي أنتم فيه، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من أبناء الجالية البريطانية في الإمارات، والتي يزيد عددها على مئة ألف شخص يعيشون في راحة ويسر ومن دون أي مشاكل، في الوقت الذي يزور فيه الإمارات نحو مليون سائح سنوياً.
وبصراحة هذه المبادرة طيبة، ونتمنى لو أن كل سفارة من السفارات الموجودة في الدولة تتوسع في توعية رعاياها بالقوانين المحلية وتقاليد المجتمع الذي يعملون فيه واحترامه، خاصة أنه مجتمع يتسم بالتسامح واحترام ثقافات الآخرين ومعتقداتهم، ولعل أبسط ما يطلبه بالمقابل هذا المجتمع احترام خصوصيته وثقافته وعاداته وتقاليده.
وقد أشارت المسؤولة البريطانية في هذا الإطار إلى المشادة التي وقعت بين سيدة بريطانية ومواطنة إماراتية بسبب ملابس الأولى في أحد المراكز التجارية بدبي، وانتقدت تضخيم الإعلام في بلادها لمثل هذه الأمور التي يعد سوء فهم الثقافات العامل الرئيسي لها.
إن مبادرة كالتي قامت بها هذه السفارة، بتوظيف تجمع كبير كحفل شاي لتوعية رعاياها بحاجة إلى تعميم لتشمل سفارات عدة، خاصة تلك التي لها عدد كبير وضخم من الرعايا، وهم من بيئات وخلفيات ثقافية بعيدة عنا.
كما أن جهات وهيئات محلية يمكنها المساهمة في إثراء هذه الملتقيات، وفي مقدمتها وزارة الخارجية والشرطة المجتمعية، خاصة أن “مجتمعية شرطة أبوظبي” كانت لها مبادرة متميزة للغاية بتخصيص أفراد من رعايا جاليات مقيمة للتواصل مع جالياتهم للوصول إلى تفاهم أوسع، خدمة لمجتمع يعيشون ويعملون فيه. فمعرفة الإنسان بصورة أعمق للمجتمع، تجعله متفاعلاً وإيجابياً في التعامل مع بقيه أفراده من دون خرق للقوانين أو خدش للأعراف.


ali.alamodi@admedia.ae