ليتهم ينصبون “قناص” لضبط المخالفين اللغويين من الإعلاميين، ولا أعني بالمخالفة اللغوية أن ينصب الواحد منهم فاعلاً أو لا يقدر أن يجر جبلاً بحرف صغير، هذاك زمان وولى منذ بح صوت المنشد، ما أعنيه هو ما يرتكبه الإعلاميون بحق الناس لأنهم يتبعونهم في التقليد باعتبارهم هم المصدر والمرجع، يعني أبوظبي كم صرفت على الـ”فورمولا ون”من بناء حلبة للسباق والدعاية العالمية ودعوات الضيوف، وإدراج اسمها على خريطة المسابقات الدولية، ويظهر مذيع أو معلق، وسيتبعه بعد ذلك طابور طويل وخاصة الأولاد الصغار، وسيلفظون الـ”فورمولا” بـ”الفورّمُولاّ” لقد أنزعجت حين سمعت أولاداً مواطنين يلفظونها كما كان يفعل ذاك المذيع، فقلت يا خسارة فلوسك يا أبوظبي!
وهناك مذيعة أو “فويس أوفر” لإعلانات تصر أن تسمي منطقة الخبيصي في العين بلفظ لا يخص المنطقة به ولا بتسمية أهله، ويظل هذا الإعلان يزعجني كل مرة يقام فيها معرض العين المقام على أرض “الخَبَيِّصي” على رأي صاحبتنا!
وبعد مدة ليست بالطويلة ستجدون أطفالنا يلفظون دبي بثلاث لكنات حسب ما يسمعونه يومياً على ألسنة الإعلاميين وخاصة الدلع النسائي الجديد في تلفزيوناتنا المحلية، وستتعب “مريفة” في البيت وهي تحاول أن تعدل لسان حمد المعوج عن لفظة دوبَيّ.
وبمناسبة كأس العالم أتذكر معلقاً رياضياً ظل طوال مباريات إسبانيا، وأحمد الله أنها خرجت مبكراً تلك السنة، وهو معتقد أن حرف “j” في كل الأوقات يلفظ “خاء” وظل يسمي ذلك اللاعب الجميل والمدهش باسم لا يمت لاسمه بشيء، لا وبعد ما يسده، فيقوم بالتشديد على بعض الحروف، وظهرت أوصاف - حاشاكم- حتى عَوَّرَنّا ويوهنا!
لطالما كان اللفظ الخطأ مصدر تندر عند كل الشعوب، لأنه قد يعني الشيء وضده، وقد يعني شيئاً سيئاً ومخجلاً عند الشعوب الأخرى، فالزائر لجزيرة مالطا لا يمكنه إلا أن يضحك للألفاظ التي نعتقد أنها سيئة ومعيبة، ومحدثك ساهي وعلى سبحانيته، ولا يعني شيئاً مما جال في رأسك ومخيلتك، وهو أمر يمكن أن نتبادله نحن المشارقة مع المغاربة في بعض الألفاظ أو منطقة الخليج مع بلاد الشام، فما يخجلون منه المغاربة، يبتسمون له أهل الشام، والذي “يبسط” اللبناني، يبكي العراقي، والذي يقوله أهل المغرب في ساعة غضبهم، ينكس له أهل الخليج الرؤوس خجلاً، وما تتحدث به اللبنانية في كلامها العادي، تطيح فيها براقع الأوليات من أهل الدار حشمة.
لذا المسألة في غاية الأهمية، وضرورة التنبه لها، ولا يمنع أن نضع لها حراساً، لأنهم سيمنعون الخطأ والمخالفة مبكراً عن الكثير، نفس هؤلاء الحراس لو كانوا زمن الأستاذ محمود لما جعلونا نرتبك ونتوتر ونتورط في كبرنا مع حرفي”P.. B”!


amood8@yahoo.com