حكمت المحكمة الكندية العليا على حكومة مقاطعة البرتا بدفع تكاليف التقاضي لكندي ناطق بالفرنسية في المقاطعة الواقعة غربي البلاد، والذي كان قد رفع قضيته منذ عام 2003. ولم يكن الرجل، الذي يٌدعى جيل كارون، يعترض أو يحتج على المخالفة التي حررت بحقه لخرقه قانون السير، ولا على الغرامة المترتبة عليها وقدرها مائة دولار، بل لأن المخالفة حررت باللغة الإنجليزية فقط، وقد رفض دفع الغرامة وأصرّ على رفع الأمر إلى القضاء، لتصل الأمور به إلى المحكمة العليا، بسبب إصراره على أن الإجراءات “فيها عيب، ويجب أن تلغى، لأن وثائق المحكمة صيغت فقط بالإنجليزية”. واعتبرت محاكم البرتا أن “احتجاجه الدستوري مشروع”، ويصب في “المصلحة العامة”، ومنحته تعويضاً قدره 120 ألف دولار مقابل النفقات التي دفعها لتوكيل محامين وخبراء الدفاع. وعارضت حكومة المقاطعة ذلك، إلا أن المحكمة العليا رفضت شكواها في قرار اتخذه قضاتها التسعة بالإجماع. وأكد كارون في دعواه، بحسب الخبر الذي تداولته وكالات الأنباء، أن “حق استخدام الفرنسية أمام المحاكم” في مقاطعة البرتا مضمون له “في أمر ملكي يعود إلى عام 1869”، وسبق دخول هذه المقاطعة إلى الكونفدرالية الكندية، الأمر الذي يترتب عليه أن المقاطعة لا يمكنها كما فعلت في عام 2000 إلغاء الحقوق اللغوية للأقلية الفرانكوفونية. نستهل هذه الزاوية بهذا الخبر اليوم الذي يصادف الأول من مارس، وهو اليوم الذي اختاره وزراء التربية والتعليم في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم للتذكير بحماية لغتنا العربية “الجميلة”، وقد جاء بعد أن اختارت الأمم المتحدة اليوم الحادي والعشرين من فبراير من كل عام يوماً للغة الأم، واللغات المهددة بالانقراض، والتي تعتبرها المنظمة الدولية في عداد اللغات المحتضرة أو التي مآلها إلى الانقراض إذا ما توقف 30 بالمئة من أبنائها عن استخدامها. ونستهل الزاوية بهذا الخبر للتذكير بما تتعرض له “الجميلة” على يد أبنائها، والواقع الذي تعيشه، من دون أن يستوقف أحد مغزى وجود جمعية لحماية اللغة العربية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأصدر مجلس الوزراء فيها في عام 2008 قراراً بإعادة الاعتبار للغة العربية، واعتمادها لغة رسمية في التعاملات والمراسلات الرسمية. وتماشياً مع القرار، وفي العام ذاته أيضاً، أصدرت اللجنة التنفيذية في المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي التعميم رقم (2) بشأن اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية في جميع أعمال ومكاتبات ومخاطبات الدوائر والمؤسسات والهيئات المحلية، وعلى الرغم من هذه القرارات الواضحة، إلا أن واقع اللغة العربية في حياتنا اليومية بعيد تماماً عن المرامي السامية لتلك القرارات، وهي تتماهى مع توجهات القيادة الرشيدة لتعزيز الهوية الوطنية، وذات مرة حضرت ندوة غالبية المتحدثين والحضور فيها مواطنون، ومع هذا كان الحديث بالإنجليزية التي نقدرها كلغة علم وأعمال، ولكن ليس على حساب لغتنا الوعاء الأشمل لهويتنا الوطنية. واعتقد أنه حان الوقت لحماية قرارات حماية اللغة العربية بغطاء قانوني لمحاسبة المخالفين ودفعهم لاحترام لغة البلاد، وهي لغة أكرمها الله بإنزال كتابه المجيد بلسان عربي مبين. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae