حين تتناول الصحافة الإشكاليات المختلفة التي تعانيها الأسرة الإماراتية، بهدف التنوير والتوعية ، فغالباً ما يقرأ الناس الموضوع كلّ من زاويته الخاصة، فإذا كان رجلاً التقط من الموضوع ما يخصه وتجاهل البقية، وصار يفسر ويحلل ويشرح بكل الطرق والوسائل التي تصب في اتجاه واحد ومحدد هو براءته من أي مسؤولية تتعلق بما آلت إليه الأسرة، وإذا كانت امرأة فإنها تفعل الشيء ذاته، معتبرة أن الرجل هو المسؤول الأول لأنه تنصّل من مسؤولياته، الأمر الذي قاد لكل الآفات التي تعانيها الأسر حالياً ، فلا أحد منهما يريد أن يقف أمام مرآة الحقيقة معترفا بتقصيره ومسؤوليته واستعداده للإصلاح !! معروف في علم النفس والسلوك أن الاعتراف بالخطأ يشكل علامة على النضج وقوة الشخصية ، كما ويحمل في طياته الاستعداد لتحمل العواقب وهذا ما لا يريده أي من الزوج والزوجة اللذين يحاولان جهدهما عدم التعرض إلى المزيد من اللوم والتوبيخ والتأنيب والكثير من النصائح القاسية، والإنسان بطبعه ينفر من ذلك كله، إذن فما هو المطلوب منهما في ظل تزايد معدلات الطلاق في الإمارات ؟ ليس هناك شيء مفروض على الإنسان أن يفعله رغماً عنه إذا كان لا يريد شريطة أن يتحمل نتيجة اختياراته، هذا ما يجب أن تعرفه المرأة والرجل اللذين قررا في لحظة معينة أن يؤسسا لعلاقة زوجية كانت ثمرتها عدد من الأبناء والعلاقات العائلية المتشابكة، ولسبب أو لآخر تركا العنان لأخطائهما أن تقضي على سعادة الأسرة وتوافقها، ولأنهما لا يريدان الاعتراف بأخطائهما واحتمال شيء من المصاعب لتسيير دفة الحياة ، فإن على الناصحين أن يتوقفوا ، ليتركوهما يتحملان النتيجة، وهي نتيجة قاسية حتماً! إنه وفي ظل عدم الاعتراف لن يكون هناك مجال لكشف الخلل وتجفيف منابع الفساد، نعم فالفساد ليس قضية إدارية ومالية فقط، لأن الأسرة حين تصل لنقطة :”أنت طالق” تكون قد فسدت من داخلها، أفسدها الرجل بإهماله وتخليه عن حقوقه كرجل وكزوج وكموجّه وكمؤدب وأفسدتها الزوجة التي تخلت عن كونها أمّاً حانية وراعية ومتفانية ومضحية، وهنا فإننا نتحدث عن زواج طبيعي وعلاقات طبيعية، تتحكم فيها مظاهر الإهمال أخيراً واللامبالاة والتخلي عن الأدوار من قبل الوالدين، والانغماس في النرجسية والغباء الاجتماعي، ما يجعل المرأة على هامش حياة أبنائها، والوالد ضيف شرف يحزم حقائبه ويرحل عند أول خلاف؟ يتكتم الرجل على أخطاء زوجته ويهرب للخارج لأن لديه هذه الفسحة من حرية الحركة التي قد لا تتوافر للمرأة لأسباب اجتماعية وثقافية، وحين يريحه الهروب يظل يهرب على طول الخط ، مبتعداً عن مناكفات زوجته وإزعاج الأولاد ومتطلباتهم ومسؤولياتهم التي لا تتوقف ، أما المرأة وبعد أن تيأس من عودة الزوج الضال إلى أحضان المنزل وجادة الصواب، فإنها تبدأ هي الأخرى في التكتم على خطايا الزوج والبحث عن بدائل أخرى كالصديقات مثلاً، ومن ثم الاعتماد على نفسها في تدبير شؤون بيتها لبعض الوقت، وتدريجياً ينفصلان وهما على ذمة عقد الزواج المبرم منذ عدة سنوات، حتى تصل الأمور لمرحلة عنق الزجاجة وهنا فلا مجال سوى كسر الزجاجة وهدم المعبد على رؤوس الجميع وهذا ما يحدث ! كلاهما على خطأ اعترفا أو لم يعترفا، أما تبادل التهم فتكتيك مكشوف جداً لا يقود إلا لأبغض الحلول ! عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com