«كيناكو» تعني «شكرا» باللغة التي يتحدث بها الناس في جمهورية جنوب افريقيا، وحسب علمي أن لديهم احدى عشرة لغة أخرى، بجانب الإنجليزية، وكم كنت أتمنى أن أقول لهم شكرا بكل لغاتهم، ولغات العالم التي اجتمعت هناك في عشق الساحرة المستديرة.
تبدو المعادلة غريبة، علينا نحن بالذات، ممن ترسخت في أذهاننا، فكرة عن هذا الشعب البائس الذي عانى الكثير من الاستعمار والتفرقة العنصرية وسياسة «الابارتيد» بحجز البشر بسبب أعراقهم في تجمعات لا يحق لهم الحركة خارجها، وكذلك السجن والقهر لـ»نيلسون مانديلا» الذي صنفه التاريخ كأشهر مناضل في القرن العشرين، من ثم انتشار المرض والبؤس والجريمة على مختلف أنواعها؛ كل هذه التفاصيل لا يمكن إلا أن تجتاح ذهنك وأنت تسمع عن هذه الدولة الموجودة في أسفل الأرض.
حسنا.. هذه الخلفية المعرفية التي يستحضرها العقل الباطن والدافعة –بطبيعة الحال- للمشاعر السلبية التي تجلبها الصور السابقة كالحزن والبؤس والفشل، تتصادم بشكل أو بآخر بإمكانية استيعاب أي شكل مخالف لها، فتبدو فكرة الفرح والعنفوان والنجاح ضئيلة جدا بل وغير مرئية.
هذا على الصعيد الشخصي، فكيف هو الحال إذاً لأصحاب هذه التجارب، والمعايشين الحقيقين لتجربة الألم والبؤس، وكيف لهم تلك القدرة على تحديها وتجاوزها وإقناع الآخرين أنهم لم يعودوا كما عُرف عنهم؟ وأنهم قادرون على امتلاك الفرح ومعطياته والإحساس به، ونشره أيضا؟!.
بالتأكيد هناك جرأة غير عادية امتلكها هذا البلد، مكنته من التفكير في استضافة فعالية بضخامة هذا الحدث، ومثابرة لا حصر لها يملكها أبناؤه ليكونوا على قدر الحدث، ومن ثم قوة غير عادية لإنجاحه؛ وبين المراحل الثلاث السابقة، تفاصيل لا حد لها تحتاج لطاقات ايجابية كبيرة وغير عادية، ليس لأنها مقبلة فقط على أمر بهذا الحجم الضخم، بل لأنها طاقات نبتت من واقع غير مؤهل إطلاقا لإنتاجها.
أولئك الذين يجيدون زرع الورد داخل الشقوق، وينيرون الزوايا المظلمة، ويشعون البهجة وسط الأحزان، أمام هؤلاء عليك أن تنحني تقديرا وامتنانا؛ فإلهامهم المشع، لا يمكن إلا وأن يصيبك بشيء منه، شريطة أن تملك الرغبة، والجرأة والمثابرة.
ألا تتفقون معي أن هذا البلد يستحق أكثر من كلمة «كيناكو»... وبكل لغات العالم؟!

Als_almenhaly@admedia.ae