هناك حالة من التفاؤل شغلتني خلال الأيام الماضية، لا أعرف لها سبباً، لكنها حالة جميلة، بالرغم من حالة الجو المشبع بالرطوبة والحرارة وكل «قرف» الطقس في العالم. ترى ما الذي يدفعنا للشعور بالتفاؤل أو التشاؤم، لماذا تجد نفسك في يوم من الأيام متفائلا ومقبلا على الحياة وتشعر بسعادة لا سبب لها؟ قلت في نفسي، ليس مهما معرفة السبب طالما هي حالة إيجابية، وانطلقت في إكمال تفاؤلي غير المسبب ودعوت الله أن يديم علينا مثل هذه الحال. ووجدت أنه إذا كان الأمس قد مضى وضاع، فبين يديك اليوم. وإذا كان اليوم يجمع أوراقه للرحيل، فلديك الغد. فلا تحزن على الأمس فهو لن يعود ولا تأسف على اليوم، فهو راحل واحلم بشمس مضيئة في غد جميل. المهم، أن تلك الحالة من التفاؤل جعلتني أنتبه إلى تفاصيل لم أكن أضعها في الحسبان، فلست من هواة كرة القدم، وعلاقتي بها كانت لأول مرة، عندما وجدتني متورطة في تغطية صحفية لمباريات كأس دورة الخليج عندما جرت هنا في أبوظبي، وكانت تلك تجربة جديدة بالنسبة لي وفتحت أمامي أفقا أوسع، فقد كنت أرى في كرة القدم نوعاً من الجنون، فما جدوى أن يركض أكثر من عشرين شخصا خلف كرة واحدة والناس تهتف لهم أو تتشاجر من أجلهم، لماذا لا يتم إرضاء الجميع وإعطاء كل واحد منهم كرة وننهي هذه المسألة السخيفة؟ غير أن نظرتي منذ ذلك الحين تغيرت، خصوصاً مع حمى كأس العالم التي اجتاحت الدنيا، فقد وجدت أن الجميع يستعد لمتابعة المباريات، الكبار والصغار، الذين لهم علاقة والذين ليس لهم، الكل يحرص على توفير اشتراك في القنوات التي تبث المباريات والجميع يسعى لشراء أجهزة تلفزيون وشاشات مسطحة وأخرى تعرض بالأبعاد الثلاثية، وكل على هواه في حب معشوقة الملايين، تلك «الطابة» المدورة. الكل رفع أعلام الدول التي يشجعها، وعلق تميمة المونديال على سيارته، ولا أعرف إن كان الجزائريون وحدهم هم الذين رفعوا الأعلام الجزائرية أم أن بقية العرب يساندونهم ويشجعونهم؛ بما أنهم الفريق العربي الوحيد الذي يشارك في أعظم حدث في العالم، ويستحوذ على أعلى نسبة مشاهدين ومهتمين على كوكب الأرض. وجدت أنني سأكون كمن يعيش خارج الزمان إن لم أتابع المونديال، فحتى جارات الوالدة، العجائز الطيبات وجدتهن متضايقات لأن المباريات تبث على قنوات تلفزيونية مشفرة، وأن ذلك استغلال لكرة القدم من أجل أهداف لم تعد نبيلة ولم تعد رياضية بقدر ما هي أهداف تجارية واستثمارية. amal.almehairi@admedia.ae