قد يعتقد البعض منا، أن الكذب منجاة من الوقوع في موقف ما أو ظرف صعب ومحرج، وهذا ممكن أحياناً، ولكن هل فكرنا قليلاً أن الكذبة الصغيرة قد تخلف وراءها كذبة كبيرة وتسحب وراءها كذبة اكبر من سابقتها، وهكذا حتى الوصول الى حفر عميقة لا مفر منها. فلم لا نبدل الصدق مكان الكذب مرة، ولو كلفنا ذلك مواقف وأمور تنغص علينا، أقلها رمينا من على أكتافنا هماً وعبئاً كبيراً. للأسف دائماً ما نفكر بالحلول السريعة مستهينين بالنتائج التي تليها ،ولا نعير المثل القائل «الصدق منجاة من النار» أهمية ، بالرغم من أن ديننا الحنيف أوصانا بهذه الصفة التي لابد من غرسها في نفوس أبنائنا، فالصدق، بداية سلسلة الأخلاق الحسنة، والكذب بداية سلسلة الأخلاق السيئة، وكما عرف «أن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدى إلى الجنة، والكذب يهدى إلى الفجور، والفجور يهدى إلى النار». فالصدق شجرة تقتلع الأخلاق السيئة من نفوسنا. يحكى أن أحد الأشخاص أراد أن يحكي موقفاً صادفه عن الكذب فقال: كنت جالساً في البرية أقلب بصري هنا وهناك، أنظر إلى مخلوقات الله وأتعجب من بديع صنع الرحمن ولفت نظري نملة كانت تجوب المكان من حولي تبحث عن شيء لا أظن أنها تعرفه، ولكنها تبحث وتبحث ... لاتكل ... ولاتمل. وأثناء بحثها عثرت على بقايا جرادة، وبالتحديد ساق جرادة، وأخذت تسحب فيها، وتحاول أن تحملها إلى حيث مطلوب منها في عالم النمل وقوانينه أن تضعها، هي مجتهدة في عملها وما كلفت به ... تحاول ... وتحاول. وبعد أن عجزت عن حملها أو جرها ذهبت الى حيث لا أدري، واختفت، وسرعان ماعادت ومعها مجموعة كبيرة من النمل، وعندما رأيته علمت أنها استدعته لمساعدتها على حمل ما صعب عليها حمله، فأردت التسلية قليلاً فحملت تلك الجرادة أو بالأصح ساق الجرادة وأخفيتها، فأخذت هي ومن معها من النمل بالبحث عن هذه الساق هنا وهناك حتى يئس من وجودها فذهب. لحظات ثم عادت تلك النملة وحدها، فوضعت تلك الجرادة أمامها فأخذت تدور حولها وتنظر حولها، ثم حاولت جرها من جديد حاولت ثم حاولت حتى عجزت، ثم ذهبت مرة أخرى لتنادي على أبناء قبيلتها من النمل ليساعدها على حملها بعد أن عثرت عليها ... وجاءت مجموعة من النمل معها. يتابع، أردت أن أضحك قليلاً فحملت تلك الجرادة وأخفيتها عنه، بحث هنا وهناك، بحث بكل إخلاص، وبحثت تلك النملة بكل مالها من همة تنظر يميناً ويساراً علها ترى شيئاً، ولكن لاشيء، فقد أخفيت تلك الساق عن أنظاره ثم اجتمعت تلك المجموعة من النمل مع بعضها بعد أن ملت من البحث ومن بينها هذه النملة فهجم عليها وقطعها إرباً أمامي وأنا أنظر إليه وأنا في دهشة كبيرة، وأرعبني ما حدث، قتل النملة المسكينة وقطعها أمامي لأنه ظن أنها كذبت عليه. Maary191@hotmail.com