اليوم ليس عادياً.. اليوم تنطلق بطولة كأس العالم من جنوب أفريقيا.. من بلد نيلسون مانديلا.. عرفنا جنوب أفريقيا من خلاله، وجاءت كأس العالم إليها من خلاله، وفتحت تلك البلاد السمراء نوافذها على العالم وعلى الحرية من خلاله، فليس أقل من أن نكتب من خلاله، وأن ندور حوله، فهو نموذج، لم نكن بحاجة إلى الكثير من القراءة والثقافة كي نعرفه، ونتأثر به، حالنا حال كثيرين حول المعمورة، كان مانديلا بالنسبة لهم رمزاً ووطناً، واليوم وهو قد تجاوز التسعين تأتي كأس العالم إلى بلده، في احتفالية تأخرت كثيراً لكنها جاءت.. احتفالية بحريته بعد 27 عاماً من السجن، وبرئاسته التي مضت، وبدرسه الذي قدمه للعالم، حين اختار طواعية أن يغادر المشهد السياسي، فاستقر أكثر داخل القلوب.
كنا ولا زلنا، حين يقولون جنوب أفريقيا، أول ما يتبادر إلى ذهننا هو هذا الرمز، وحين عزمت الكتابة، كان أول كلمة في أول سطر قفز إلى القلم.
غريب أن تكون الأرض التي أنجبت مانديلا، والتي كافح فيها، وقادها إلى الحرية، هي ذاتها تلك الأرض التي فاض الحديث عن غياب الأمن فيها وربما لأنها أرض مانديلا لم يتوقف العالم كثيراً عند كل ما يقال وإن أفرطت التقارير الإعلامية في توصيف هذه الهواجس، ولو كانت البطولة في غير جنوب أفريقيا، لنفذ «الفيفا» تهديداته ونقلها إلى مكان آخر، ولكن الرمز «التسعيني» الذي خط الزمن على وجهه تفاصيل رحلة الكفاح، يستحق من العالم أن يتحمل، ويستحق أولاً من جنوب أفريقيا نفسها أن تثبت أنها أهل لمانديلا وأهل للمونديال.
من اليوم، ومثلما هو الحال في قصص الصراع الأسطورية، ستفتح أبواب الحلبة لـ32 مصارعاً، وتدور رحى المعركة.. لكن أحداً لن يسقط، فكلهم قاموا يوم تأهلوا إلى البطولة، فالمنتخبات المشاركة، هي صفوة الكرة في العالم، وعلى أرض جنوب أفريقيا، تتجمع ثروات الكرة الأرضية، من الإبداع الكروي ومن المال أيضاً، ففريق واحد قد تزيد أثمان لاعبيه في عالم الاحتراف عن المليار دولار، ومن مليارات اللاعبين إلى قرابة نصف مليار دولار هي مجموع الجوائز، إلى الكأس الذهبية التي تزن أكثر من ستة كيلو جرامات من الذهب عيار 18، والكأس الأخرى «طبق الأصل»، ستدور دراما الفن والمال، وستبدأ الساحرة المستديرة والمجنونة، لعبتها التي تختلف حين يأتي موعد العيد كل أربعة أعوام.. ستجتاح العالم حمى المونديال، وستقف الدنيا على أطراف أصابعها تخطف النظر صوب جنوب أفريقيا، في انتظار ما يسفر عنه احتفال العالم.
في «الاتحاد» لن نكتفي بالفُرجة، أو بالتقارير «المُعلبة»، وكعادتنا سنكون في قلب الحدث.. سننقل جنوب أفريقيا إليكم على صفحاتنا.. نحن مثلكم شغوفون بالمونديال، لكن شغفنا الأكبر هو أنتم.. نبحث دائماً عما هو أبعد وأعمق وأروع.. هكذا خططنا، وهكذا سنمضي، ومن اليوم، سنضعكم في قلب الحدث.. سنكون سوياً على أرض مانديلا.
كلمة أخيرة
اليوم تزداد إشراقة “صباحنا الجديد” .. فقد عادت “صباح الخير يا إمارات”.


mohamed.albade@admedia.ae