قال : حبتين! ورفع يده عاليا بعلامة النصر، وتابع: هجولة لعيون البازوكة تيم! كلماته المتسارعة استوقفتني، شقيقي ذو السبع سنوات يتحدث عن الأسلحة! أو هكذا خيل لي. لم يكن وحده، حبتين، التقحيص، التفحيط، الشّل كلمات متداولة جدا بين الشباب المواطنين على وجه الخصوص، لكنها تمادت ووصلت إلى إخوتنا الوافدين الذين يعيشون معنا في الامارات. عالم الكلمات الشبابية عالم مثري وغريب، مفرداتهم تأتي من تحت ( بونيت ) السيارة وتتعلق بأدواتها، يتحدثون عن شيء بابتهاج فيقولون ( هجولة يا ولد) يريدون أن يوضحوا أنهم سعداء يصرخون ( حبتين) يطلبون من شخص أن يسرع ليحصل على ما يريد بتعبير (دوس عليه) ، وحين يودون اخبارك أنهم جاءوا بأقصى سرعة تكون عبارة ( ريس كامل) جاهزة للتعبير عن الحال، أما التعبير عن الغيظ والقهر والعصبية فيستعملون له تشبيهات مثل ( الحرارة وصلت H). اليوم صار الجلوس مع المراهقين والشباب يحتاج إلى مترجم، فكي تفهم ما يقولون عليك مخالطتهم لفترة كافية تستوعب بعدها ما يقولون، وتستطيع فك تشفير جملهم، فلا أسوء من الجلوس مع قوم لا تفهم لغتهم حتى وإن كانوا يتحدثون العربية. بروز مفردات شبابية في أي مجتمع لا يعد ظاهرة غريبة، فلكل جيل ما يناسبه من أفكار وما يتفق مع ما يتعامل به من آلات، لأن لكل شيء يحيط بك دورا في تنمية مهاراتك وخبراتك حتى اللغوية منها، فشباب الثمانينيات مثلا كانت لديهم جملهم التي تميزهم، وكلماتهم التي تتناسب مع الابتكارات الجديدة التي عايشوها، وشباب التسعينيات أثرت فيهم شبكة الانترنت كإختراع جديد ودخلت لغة الشات إلى حياتهم اليومية بشكل كبير، وهذه الموجة اليوم هي امتداد طبيعي للحراك الثقافي والشبابي الذي تقوده وفرة المعلومات وأجهزة مثل البلاك بيري والآي باد. يخطىء من يعتقد أن هذه المفردات وتداولها ظاهرة سلبية، أو من يتخوف منها لدرجة اعتبارها «كشيفرة حماية» يستعملها الشباب، لأنها في الغالب مفردات مستمدة من الواقع، تتناسب مع أعمارهم الصغيرة المليئة بحب الحياة، وتعد جزءً طبيعيا من شخصياتهم ، ومعرفتها تحتاج لفهم هؤلاء الشبان والتواصل معهم. هذه المفردات في النهاية ليست خطيرة، ولا تؤثر على عطائهم تجاه المجتمع، لأنها مستمدة منهم ومن بيئتهم واهتماماتهم الشبابية اليانعة، مفردات تستمر لفترات ما في حياة الشباب ثم تختفي من على ألسنتهم لتصل إلى الجيل الأصغر منهم فيطورونها بما يتناسب معهم من أمور، وإلى ذاك الحين لنتركهم مبتهجين «بالهجولة» و» ما تهزهم ريح» وأقوى « حبتين» لعيونهم.