يبدو أن البطولات الوهمية والدعائية على حساب العرب لن تتوقف، فقد تنبه الأسد الإيراني بعد أن خطف منه الصقر التركي علامة النصر وتاج التهليل وغار الفخر، فأرسلت إيران رسالة جديدة للعرب وللأتراك تريد حصتها من هذا الضجيج الإعلامي وردود أفعال العالم بشأن ما حدث لأسطول الحرية، وهذه المرة اقتراح إيراني هو “ما فوق الثورية” ليكون له سبق الريادة وفق ما صرح به علي شيرازي ممثل مرشد الجمهورية الإيرانية، أن القطع البحرية في الحرس الثوري الإيراني تنتظر إشارة من المرشد الأعلى لتتولى حراسة السفن المتجهة إلى غزة، مما جعل أحد الناطقين باسم حركة الحماس يقول:”لا دخيلكم.. بلاش الحرس الثوري، نحن صبرنا أربع سنوات، ولا نريدها تصبح ثماني، هذا المشروع سلمي مدني وإنساني ولا يحتاج أسلحة”!
لا أدري لماذا إيران دائماً تقدم الحل العنفي على أي شيء آخر، تقدم الحل “الحماسي” دون أن تقدر النتائج وتعرف طبيعة الأرض التي ستعلق فيها قدماها، فليتها قالت مثلاً: سأسمح للمثقفين الإيرانيين من سينمائيين وفنانين وشعراء وصحفيين وأطباء ومحامين الذين يؤمنون بدورهم الإنساني أن يشاركوا بسفينة سلام ومحبة وتضامن مع الشعب الفلسطيني، ليتها سمحت لأعضاء الجمعيات المدنية أن ينضموا للناشطين من مختلف العالم ليكونوا معهم في رحلة الحرية، إيران تريد أن تزرع أعضاء أمنيين في مشروع إنساني، تريد أن تحرس قوافل الأغذية والأدوية ولعب الأطفال بأسلحة رشاشة ومدافع قادرة على إغراق البارجات، تماماً مثل منطق أن تنقل معونات إنسانية على متن غواصة حربية أو تنزل فرقة كوماندوز محملة بباقات ورد وحلوى للأطفال، هذه الأمور لا تستقيم عند عاقل أو رجل له صفة الحكمة، ويفهم كيف تمضي الأمور في الحياة.
شخصياً أعتقد أن إيران لم تقل ذلك إلا من باب اصطناع بطولة وهمية على حساب أكتاف العرب المتخاذلة، وتريد جزءاً من الكعكة التركية، إن لم تحصل على حصة الأسد منها، وأنها لن تمضي قدماً إن حانت ساعة تنفيذ هذا العمل العاطفي الفيّاض، المتدفق ثورية، فإيران بالنسبة لإسرائيل ليست إيرلندا، والحرس الثوري الإيراني بالنسبة للإسرائيليين ليس المنتخب الهولندي لكرة القدم.
هل تريد إيران من اقتراحها “الثوري” أن يكون العالم معها في حال شددت عليها الضغوط الدولية، وظهر ما يشبه الحصار والعزلة، أم هل تريد أن تزيد من الضغوط على تركيا وكسبها حليفاً محتملاً، وأقلها أن تقوم الحكومة التركية بإغلاق “محطة استخبارية إسرائيلية” والمقامة على الأراضي التركية، في موقع لا يبعد كثيراً عن الحدود التركية الإيرانية، وتعتبر في غاية الأهمية بالنسبة لإسرائيل ونقطة متقدمة للسبر الاستخباراتي في مواجهة خطط إيران وتحركاتها، وأفق برنامجها النووي!

amood8@yahoo.com