عندما انطلقت إذاعة “صوت الموسيقى” من أبوظبي قبل ما يقارب ست سنوات، كانت عبارة عن فكرة جميلة عكست مدى التقدير للذائقة السمعية التي تحن للقديم من الغناء في ظل طوفان الغناء الذي تشهده الساحة الفنية حاليا برتمه السريع وكلامه الذي لا يرسخ ولا يثير سوى شعور لحظوي، وربما لا يحرك ولا يثير أي شيء على الإطلاق.. إنه غناء يختفي كالدخان. مبادرة إذاعة “صوت الموسيقى” يمكن أن نقول عنها إنها كانت بمثابة ترضية لجيل من أصحاب الذائقة الكلاسيكية بسبب التحولات الثقافية التي أصابت الأذن في المنطقة وجعلتها تطرب لغناء وجد منابر كثيرة له في وسائل المرئي والمسموع، حيث تعددت الفضائيات التي تبث أغاني ما اصطلح عليه بالجيل الجديد، وفتحت الكثير من الإذاعات التي تقدم بجانب الغناء برامج الترفيه، وفَتح الخطوط المباشرة لمسابقات منوعة وطلبات أغان، وطغى هذا الذوق من الغناء على كل شيء وكاد فيه الغناء القديم أن يتلاشى، ومن هنا أدرك القائمون على الإذاعة أن هناك شريحة أو فئة سوف تهجر الراديو وتهجر كل وسائل البث من إذاعة وتلفزيون.. وجاء بذلك التقدير للأذن القديمة في نظر القائمين على الإذاعة. واستحدثت إذاعة “صوت الموسيقى” التي لاقت انتشارا غير عادي. وبما أن إطلاق إذاعة “صوت الموسيقى” هي فكرة تطويرية، لذا نرى ممن يأتي ليطور عليه أن يذهب إلى الأجمل، إلى القضايا المفتوحة على الجمال، أن ينقل إلى شريحة واسعة من المستمعين الدهشة، وأن يكون مطلعا ومدركا جيدا للذائقة في المكان والمنطقة بشكل عام، عليه أن يقدم المختلف؛ كأن تقدم فقرات لمبدع في مجال الأغنيةـ شاعر، مغن، ملحن ـ أو مؤدو الفنون الشعبية القديمة، كفن النهمة، مع تقديم بورتريهات موسعة لهم.. أو أن تقدم فقرات مقسمة على ليالي الأسبوع تمتد لساعة تقريبا مدعمة بشهادات وتفاصيل، أن يقدم فن الصوت ومختلف الفنون الشعبية مثل فنون البحر والبر والصحراء والجبل، أن يكون صوتا حقيقيا للموسيقى في المكان. أن يتم التوقف عن الخلط غير المنطقي بين الرياضة والموسيقى في إذاعة تحمل اسم “صوت الموسيقى” حيث لوحظ تقديم إعلانات متكررة إلى الساعة الواحدة ليلا عن مسابقة لأحسن لاعب كرة قدم في الدوري الإماراتي أو بث مباشر لمباريات لكرة القدم، وهذه الملاحظة لا تعني عداء لكرة القدم، فكاتب هذه السطور من عشاق الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص عندما تقدم بشكل راق وجميل فقط، ولكن ليس مع إقحامها في هذه الإذاعة التي لا تحتمل مثل هذا الفعل، فعندما نقول “صوت الموسيقى” فإننا نتحدث بالتأكيد عن شيء في قمة الرقي في تاريخ الحضارة البشرية وهو الموسيقى، الأمر الذي لا يقبل أي ازدواجية مثل هذه التي تحدث في الإذاعة التي يجب أن تطور وتدخل عليها الأفكار الجديدة التي ترسخ للموسيقى والفنون الشعبية خاصة، ولروائع الغناء والموسيقى الخليجيين والعربيين عموما. saadjumah@hotmail.com