مرحباً.. بأول “فيتو” أميركي في عهد أوباما، والذي لم تستطع الإدارة الأميركية إقناع العالم برأيها في هذا الخصوص؛ لأنها تعتقد أن “الفيتو” جاء لمصلحة الإسرائيليين والفلسطينيين! ولأن الموضوع يخص بناء المستوطنات، ويخص القدس بالذات، فهو أذاً موضوع يحظى بالشد والتوتر من قبل جميع الأطراف، هذا لأن القدس هي القضية الأم، ولأنها قيمة اعتبارية تمثل شيئاً مقدّساً عند ديانات العالم الثلاث، غير أن الطرف الإسرائيلي يأخذ بعداً غاية في الأنانية والصلّف والعنجهية، وعلى الرغم من عدم مصداقية ما يستندون عليه سواءً في التاريخ أو الإرث أو منطق الحال، إلا أنهم يمثلون الجانب الأقوى في الطرح، مسخرين كل السبل لخدمة الهدف الأسمى، الجانب العربي أيضاً متشدد، ويحاول أن يكون موضوع القدس جزءاً من ثوابته التي يجب أن لا تتغير، ويستند في ذلك على وثائق يدعمها المنطق والتاريخ والآثار والإرث، لكن الجانب العربي يتحدث من موقع أضعف، بعكس الإسرائيلي الذي يدعم منطقه بدبابات واحتلال وتخطيط بنائي، يطرد العرب منها، إما بالترغيب والشراء أو الترهيب والإبعاد، حتى الدفن في القدس محرم هو على أبنائها، وتخطيط آخر معماري لإقامة الهيكل، وتشويه في ملامح المكان التاريخية والقائمة، والترويج لهذا الأسلوب بسلاسة وبعاطفة، وبامتهان الغش والتدليس، وتمريره في وسائل الإعلام الغربية وكأنها حقيقة ثابتة.
لذا نرى الحملات المسعورة التي تتبناها إسرائيل بين الحين والآخر بشأن القدس، معبرة عن قلقها من الوضع السكاني فيها، ولنعود إلى الأرقام لكي نتعرف إلى سبب صرخة كل رئيس بلدية إسرائيلي يأتي لها، فهي تعتبر أكبر مدينة في إسرائيل تمتد على مساحة 126 كلم مربعاً، سكانها 720 ألف نسمة يعادل عُشر سكان إسرائيل، يمثل اليهود 66% منهم، والعرب 34%، ورغم أن هذه النسبة لصالح الإسرائيليين، والفارق بينهما تقريباً النصف، إلا أنها بدأت تشكل قلقاً بالنسبة للإسرائيليين الذين يجب أن نعترف بأنهم أكثر تخطيطاً وأكثر منهجية، وأبعد نظراً للظفر بما يريدون، لذا يخافون من التزايد التدريجي للسكان العرب في القدس التي ينوون أن تكون عاصمة مستقبلية لدولتهم، ومقدّسة لتواجدهم وكيانهم، لقد كانت نسبة اليهود إلى العرب في المدينة عام 1967 74% إلى 26% وعام 1980 بلغت النسبة 72% مقابل 28%، ورغم أن هذه النسبة اليوم تبلغ الثلثين مقابل الثلث من العرب إلا أن الخوف الإسرائيلي والحسابات الإسرائيلية يشيران إلى أن هذه المدينة ستكون ذات أغلبية عربية خلال عقدين من الزمن، فنسبة تزايد العرب 245 في المائة، واليهود فقط 140 في المائة، وبالتالي سيتساوون عام 2035م.
هي صرخة إسرائيلية مدعومة بـ”فيتو” أميركي من أجل المدينة التي يريدون، فأين الصرخة العربية لزهرة المدائن؟ خاصة أن كل العرب اليوم في الشوارع يهتفون! 


amood8@yahoo.com