ربما لن نتوقف يوماً عن الحديث عن أخطاء الحكام، ولكن ماذا نفعل إذا كان الأمر جديراً بالمشاهدة، وكان واضحاً لدرجة أنه تحول إلى ظاهرة، ولعل من شاهدوا المباراتين «الُمقدمة والمؤجلة»، ربما لم يعلق بذاكرتهم شيء فيهما أكثر من التحكيم الذي لم يرق بشهادة كل المتابعين والمحللين إلى مستوى المباراتين، فأخطأ في مواجهة العين والعميد النصراوي وكذلك الحال في مباراة الوحدة مع الأهلي التي كانت رائعة، لولا الجانب التحكيمي الذي أفقدها هذه الروعة ونال من جمال الصورة.
في مباراة الوحدة والأهلي، احتسب الحكم ضربة جزاء للعنابي، ثم عاد وألغاها، وبعدها احتسب ضربة جزاء للأهلي اختلف حولها المحللون، ولكن منذ أن ألغى ضربة الوحدة، أدرك كل من تابع المباراة أنه ليس الرجل المناسب للمباراة، فمثل تلك المواجهات، تحتاج إضافة إلى تطبيق القانون، لإدراك حقيقي بطبيعة المباراة، وضرورة أن يكون الحكم حذراً إلى أقصى مدى، وألا يتخذ قراراً إلا وهو واثق منه مئة في المئة، أما أن يجعل المباراة حقلاً للتجارب، ويمضي «يصفر» ذهاباً وعودة، فهذا غير مقبول تماماً.
كتبت في مرات كثيرة هنا أنتصر للتحكيم وأدافع عن الحكام، كما سبق أن كتبت أعاتبهم في مواقف شتى وأنتصر لأندية فاض بها الكيل من أخطائهم خاصة بعد أن أدرك الجميع أنها ليست كما نروج لها جزءاً من اللعبة، وحتى إن كانت كذلك، فهي الجزء السيىء، وتصوير الأمر على أن الكرة لا تصلح بدون أخطائهم، وتصوير الحكام على أنهم «بهارات» المباريات، وصناع «الأكشن»، فهذا أيضاً أمر غير مقبول، فما تقدمه الفرق في الملعب، ليس فقط لعب كرة، وإنما هي استثمارات وملايين وأجهزة فنية وإدارية تعمل، وبالتالي علينا ألا نضع كل هذا رهناً بـ«صفارة» هي مُبرأة على الدوام.
وحتى نتصور مدى ما تفعله أخطاء الحكام، عليكم أن تتوقعوا نتائج المباريات بعد تصحيح القرارات التي أجمع الخبراء على أنها لم تكن موفقة.. تخيلوا ذلك، وتخيلوا عندها، كيف سيكون حال الجدول وترتيب الأندية.. الخطأ الذي هو جزء من اللعبة، لا يؤثر على نتيجة مباراة إلا فيما ندر، لا أن يكون ما ندر هو القاعدة.
وبعيداً عن التحكيم، وعن الجانب الفني في مباراة الوحدة والأهلي، فقد كانت كما قلت مباراة جيدة للغاية، ترقى إلى درجة الروعة، والمدهش فيها أن من كتب كلمتي البداية والنهاية للأهلي كان بنجا.. هذا اللاعب الذي اعتبرته جماهير العنابي فترة طويلة لاعباً محلياً من فرط غيرته على فريقه، هو من أبكاها أمس الأول، لكن ولأنه محترف أصيل، لم يحتفل، وفي المقابل بحثت كثيراً عن هوجو محترف الوحدة، لكنني كلما طفت بخاطري أبحث عنه، لم أشاهد سوى بنجا.
لقد اجتهدت إدارة الاهلي كثيراً في صفقاتها خلال فترة الانتقالات، سواء بضم طارق أحمد وعبدالعزيز هيكل، والمغربي كريم الاحمدي، والواضح أن الفرسان كانوا يعرفون ماذا يريدون، وفوزهم على الوحدة، أكبر مؤشر على أن القافلة الحمراء على طريق العودة لمسيرتها الأولى.
كلمة أخيرة:
حتى نتوقف عن نقد التحكيم إما أن «يشدوا الحيل» أو تغلقوا ستديوهات التحليل


 mohamed.albade@admedia.ae