لم تكن تعرف أم سلطان أن ذئباً جشعاً، أو ثعلباً ماكراً انتزعت منه الأمانة وتقلَّد الخيانة وتبرّأ من معاني الإنسانية والرحمة ينتظرها في ذلك المكتب بركن في أحد فروع بنوكنا الإسلامية الوطنية بشارع المرور المزدحم الذي يفصل شطري عاصمتنا الحبيبة، وأن مَن يتودد لها ويتعامل معها خلال فترة زمنية ليست بقصيرة لم يكن إلا ثعلباً مراوغاً أراد الإيقاع بضحيته الخمسينية، مستغلاً كبر سنها، وضعف نظرها، وتواضع ثقافتها بالمعاملات المصرفية، وأن ثقتها الكبيرة بهذا الخائن الآثم “الثعلب المراوغ” لم تكن في محلها، فطوال السنوات الماضية ما كان إلا مراوغاً مخادعاً للإيقاع بفريسته بعد أن نصب لها الشباك ومهَّد لها الطريق للوقوع به.
وبحُسن نية وببساطة الكبار وفطرتهم الطيبة التي نشأوا عليها، ولم يقدّرها هذا الموظف الخائن للأمانة، وقَّعت أم سلطان مستجيبة لمطالبه وما تدري أنها أوقعت نفسها في شباك هذا الثعلب الماكر، ليقوم بسرقتها وتحويل “تحويشة العمر”، وبخبث من الصائد الماكر قام بتوزيع المليون و700 ألف درهم التي استولى عليها ظلماً وبهتاناً من أم سلطان على ثلاثة حسابات متفرقة لأصدقاء له وشركائه بالجريمة كي لا يُكتشف سرّه ولا يُفضح أمره وحزم حقائبه ليعود لبلده سارقاً ماكراً، تاركاً خلفه ضحيته تتذوق الويلات والحسرات على ما ضاع منها، وتتنقل من مركز لآخر لعلها تجد خيطاً يوصلها لمن غدر بها.
ومن محاسن الصدف أن يوقف الثالث بالمطار ويُمنع من السفر بتعميم سابق عليه ويقع في قبضة رجال الأمن، التي نتمنى أن تكون غليظة عليه ليكون عبرة لمن يعتبر، فيما نجح الماكر الجاني وأحد شركائه بالفرار.
هذه قصة “أم سلطان” مع أحد بنوكنا الإسلامية الوطنية، حيث خسرت بغمضة عين هذا المبلغ الكبير، لثقتها بالمصارف وموظفيها، وسوء معاملة هذا البنك، الذي لم يُحسن اختيار موظفيه، وهناك العديد من القصص المشابهة لمضمون قصة أم سلطان، إنما تختلف فقط في السيناريوهات وطرق التحايل العديدة التي يلجأ لها العديد من الموظفين، فاقدي الأمانة والدين والضمير والذمة، ممن يقعون فرائس لنفوسهم الضعيفة التي تجلب لهم العار والفضيحة والخزي.
وبغض النظر عن الملابسات والظروف وما تم وما دار وما وقَّعت وما لم توقّع عليه المغدورة “أم سلطان” فإن على هذا البنك رفض هذه الأفعال وتأكيد حُسن نواياه بإرجاع المبلغ المسروق لصاحبه وملاحقة السارق في بلده.
إن خيانة الأمانة والتي قام بها هذا الموظف لها آثار كبيرة، ليست على العميلة المغدور بها فقط، بل على المجتمع والاقتصاد، ومن هنا لابد من تدخل المصرف المركزي، لحفظ حق واسترجاع مال المغدور بها، ومحاسبة البنك الذي تسمح لوائحه بسرقة هذا المبلغ الكبير دون أن يكتشفها أي مدقق أو مراجع، لأن مثل هذه الأفعال تؤثر في سمعة واقتصاد البلد.


m.eisa@alittihad.ae