هل هناك مشاريع لانقسامات داخل بلدان الوطن العربي، بحيث تتنازل الجغرافيا لمطالب التاريخ؟ وهل هناك أزمات تفتعل من أجل التبشير بهذه الانقسامات التي يعتقد البعض أنها خير، وأنها الحل الأمثل لمشكلات ظلت تنغل في جسد هذه الأوطان؟
في المنظور القريب هناك ثلاث دول عربية على الأقل على قائمة الترشيح لانقسامات داخلية، وربما تكوين دويلات لها صفة الشرعية الدولية، ولها استقلالها وحريتها في التعامل مع البلدان الأخرى ولها تمثيلها الخارجي، السودان والعراق واليمن، وهناك أمور تجري في الشمال الأفريقي نحو العبث في المساحات الجغرافية الكبيرة والتي ربما ما عادت أمراً مستساغاً نظراً للتفجر الديموغرافي.
الأمر ليس رجماً بتكهنات عام جديد، إنما هي قراءة في مجريات أحداث ظلت هذه الدول تعاني منها، وإن تكتمت قليلاً حيالها، لكن المعضلات لابد وأن تطفو فوق السطح، وأول بوادر هذا الطفو العنف المسلح، والتصفيات الجسدية دون تمييز والتعنت السياسي بالتصميم على تكسير الرؤوس، والاتجاه نحو تأسيس أوطان “دينية” أو أثنية عرقية.
لقد تعبنا ونحن نحفظ أن السودان أكبر بلد عربي في المساحة وأنه سلة الوطن العربي الزراعية، وأنه أغنى بلد عربي من حيث الثروات والإمكانيات، لكن ما من شيء من ذلك تحقق حسب معرفتنا، وحسب ما طلب من أن نحفظ الدروس الأولى، فلا السودان زرع وحصد وصدر زراعاته الكثيرة الممكنة على أرضه وسعتها إلى الوطن العربي، ولا السودان حقق معادلة أنه بلد عربي غني ظهرت هذه الثروة في تنميته الوطنية المستدامة وتطوير كافة حقول الحياة فيه، وإبقاء عملته الوطنية دون رجفات وهزات أو تقلبات جعلته بلا أصفار، واليوم وربما غداً سينسف السودان بقبوله تقسيم البلد على أساس ديني أو أثني أهم معلومة كنا لا نشكك فيها، ولا نقبل أن يجادلنا أحد بشأنها، السودان أضاع السلة الغذائية، وحرم من الغنى، ورضي بتشويش الذاكرة العربية لأنه ملّ من جغرافية المساحة واتساع رقعة الحياة إلى ضرب الرأس بحجر مستلف من جبل الجيران.
العراق من ينظر له من الداخل وما يعتمل في صدره الذي كان مزهواً بحضارات عريقة، واليوم وهو يكح ويئن من أوجاع ما تكاد تنتهي لتبدأ أخرى من جديد، سيشطر على شاكلة تقسيم علمه، وبدلاً من لا إله إلا الله أو الله وأكبر، ربما تظهر عبارة جديدة على علم يمثل الجنوب أو الوسط أو الشمال “لا غالب إلا الله” شعار دويلات بني الأحمر في ممالك الأندلس المتساقطة والمنهارة.
اليمن مستودع أسلحة، ومخازن بطالة اجتماعية وركود اقتصادي، وتفجر سكاني، وتجارب سياسية فاشلة، وحرب اهلية، ووحدة غير متكاملة ولا عادلة تغذيها عصبية قبلية، وأرض بور استفاد منها الإرهاب بعد أن حرثها بالشر!


amood8@yahoo.com