من القضايا التي تثار بين فترة وأخرى قضية مراقبة المدارس بالكاميرات وهو الأسلوب الذي اعتمدته بعض إدارات المدارس ومن خلفها مناطقهم التعليمية من أجل السيطرة على السلوكيات الخاطئة التي تنتشر بين أوساط الطلاب. ولا شك في أن مراقبة المدارس بالكاميرات تعتبر من القضايا الخلافية والتي تتباين فيها وجهات النظر بين مؤيد ومعارض كما حصل في التحقيق الذي نشرته «الاتحاد» يوم السبت الماضي وظهر فيه مدى شدة الاختلاف بين المؤيدين للفكرة وبين المعارضين لها. لست بصدد نشر الآراء مرة أخرى، ولكن ما أريد قوله، إنه رغم كل المبررات التي تقال عن جدوى استخدام الكاميرات، إلا أنني أضم صوتي للرافضين للفكرة، لأن ضررها أكثر من فائدتها خاصة وأنها تطبق على مختلف المراحل السنية، ولا تفرق بين طلاب في المرحلة الابتدائية وبين طلاب في الثانوية. ندرك أن هناك الكثير من الصعوبات التي تواجه إدارات المدارس والمدرسين في ضبط سلوكيات بعض الطلبة، خاصة وأن الجيل الحالي تربى على أشرطة البلاي ستيشن والقنوات الفضائية وهو أكثر جرأة ولا يهاب بسهولة لا من معلم ولا من غيره. ونعلم أن هناك فئة من الطلبة لا تتورع عن الإتيان بتصرفات صاعقة لا يقوى عليها حتى الكبار، لكن في النهاية هذه ليست مبررات كافية لاتباع أساليب بوليسية واستخباراتية في مدارسنا، لأن سوء السلوك يصدر من فئة محدودة من الطلبة ولا يشمل الجميع. إذا كنا نتفهم على مضض بعض المبررات لتطبيقها في المراحل الثانوية، وذلك للحد من السلوكيات الخاطئة التي تنتشر بين الطلبة بحكم المرحلة السنية التي يمرون بها، والتي تدفعهم للإتيان بالكثير من الممارسات السلبية مثل التشاجر والتدخين وإلحاق الضرر بالمنشآت المدرسية. فإن غير المفهوم فكرة تطبيقها على المراحل الدنيا في التأسيسي والابتدائي، ولا أدري هل الطلبة في هذه المرحلة يدخنون ويتشاجرون ويهربون من المدرسة حتى تنصب لهم كاميرات المراقبة؟ مراقبة الأطفال بالكاميرات هو أسلوب فاشل، يسهم في إنشاء جيل نشأ على الخوف والشعور بأنه مراقب باستمرار، وهذا الشعور السلبي من الممكن أن يكبر مع الطفل ويتحول إلى عقده دائمة ترافقه في حياته، وبدلا من أن نحصل على جيل متسلح بالثقة في قدراته نحصل على جيل مكسور يخشى من الإتيان بأي تصرف أو فعل لأن هناك من سيقوم بضبطه ومعاقبته. لا أعتقد أن هذه نوعية التربية التي نريد أن نعلمها لأبنائنا في المدارس، بأنهم مراقبون وكأنهم في سجن محكم القضبان، لأن المدرسة أولا وأخيراً منارة للتعليم والتنشئة وليست معتقلا يحتاج إلى المراقبة. Saif.alshamsi@admdia.ae