مع اعتدال الجو، ودخول الشتاء الذي سيذهب سريعاً، ليقبل الصيف مبكراً، تكثر المخيمات، وخروج الأسر والعوائل والمتنزهين من كافة الشرائح والأجناس إلى البر، للاستمتاع بالأجواء الجميلة التي تشهدها البلاد، لما لهذه الرحلات والطلعات من أثر إيجابي لتخفيف الضغوط العديدة التي نتعرض لها من كل الاتجاهات، فالرمال الذهبية والطقس المحمل بزخات المطر والنسيم العليل يجعلك تنسى هموم الدنيا وتعيش في عالم آخر لن تجده ولن تشعر به وسط زحام المدينة، وصخبها، زحامها، وازعاج سكانها، ولكن هذه الأماكن المميزة والرائعة التي يقصدها الناس يساء استخدامها، ولاتحظى بالتقدير والاهتمام الكافيين من البعض، فما أن أنهى مهمته، وانتهى من طلعته ونزهته البرية حتى حول ذلك المكان الساحر إلى كومة من القاذورات ومكب للنفايات، وكأنه يقول للاستخدام مرة واحدة فقط، فلا أحد يمكنه الاستمتاع بالمكان من بعدي، وهو سلوك غير حضاري، ولا ينم عن وعي ومرتادين متحضرين يقدرون الأماكن العامة ويحافظون عليها، فمثل هذه التصرفات نرفضها جملة وتفصيلاً، وليس هناك مبرر مطلقاً لأن تعبث الأسر والشباب وأي شخص كان بالمتنزهات والأماكن السياحية والبر وغيرها من الأماكن العامة التي يقصدها الناس هذه الأيام. نعم تلك عموميات يفترض ألا نتحدث عنها، ولانتطرق لها، كونها من البديهيات، ولكن تجاوز البعض، واستهتارهم وعدم جديتهم في التعامل مع الأماكن العامة يجعلنا نذهب لأكثر من التطرق والتنبيه وحث المجتمع على مكافحة هذه الآفة، للحد من تلوث بيئتنا وأماكننا البرية الجميلة بشكل خاص، فما يفعله البعض والأضرار التي يلحقها بالبيئة والمتنزهات البرية لايمكن السكوت عنها، بل يجب على الجهات المعنية مراقبة وملاحقة المخالفين، واستخدام قوة القانون مادامت الدوافع الذاتية والوطنية للحفاظ على بيئتنا لم تجد مع فئة من المجتمع تراها تلهو وتلعب وتستمتع بالأماكن البرية في صحرائنا وعند انتهائهم وعودتهم تراهم يقذفون بشتى أنواع القاذورات والمخلفات في وسط الصحراء لتنال من جمال ونظافة المكان. في المقابل هناك بعض الجهات أدركت خطورة ما يفعله هؤلاء المخربون، وتأثيره على الحياة البرية والبيئية مستقبلاً فجندت أنفسها وكوادرها لتنظيف هذه الأماكن وإزالة مخلفات المتجاوزين، وهو دور ينم عن وعي وطني، وحرص على التكاتف والتضامن بين مؤسساتنا لخدمة المجتمع، ومن هذه المبادرات النيرة حملة الهلال الأحمر في رأس الخيمة لتنظيف المتنزهات الصحراوية، بمشاركة 300 طالب وطالبة يمثلون 12 مدرسة تابعة لمنطقة رأس الخيمة التعليمية و20 متطوعاً ومتطوعة من المنتسبين لفرع هيئة الهلال الأحمر بالتعاون مع دائرة بلدية رأس الخيمة وهيئة حماية البيئة والتنمية وإدارة التثقيف والإعلام الصحي التابعة لمنطقة رأس الخيمة الطبية، ليترجموا شعار احتفالنا بيوم البيئة الوطني “الصحراء تنبض بالحياة” الى واقع ملموس على أرض الواقع، فبيد أبناء الوطن الغيورين، ترسم أجمل صور للإمارات الغالية. محمد عيسى | m.eisa@alittihad.ae