تحاول بعض الصحف المحلية للأسف ترسيخ مفهوم أن المواطن الإماراتي مدلل، مرفه، لا يريد العمل إلا براتب خياليّ، ولا يود العمل في الإجازة، ويبحث عن الإجازات حتى في كومة القش. ومع أن هذا الكلام ليس حقيقا ولا يمكن وضعه كقاعدة عامة، بدليل أن نسبة كبيرة من الإماراتيين تعمل في الإجازات، وتبذل جهدها في العمل، وهناك من يملك في رصيده أكثر من 100 يوم إجازة لا يجد الوقت ليتفرغ لها! ولكن على اعتبار أن ما يردده هؤلاء يحمل شيئا من الواقعية، أتساءل: ما المانع؟ ما الذي يمنع الإماراتي من الحصول على وظيفة مرفهة جيدة المردود المادي وبعيدة عن الجهد البدني الكبير؟ لم يصمم البعض على الزج بمفهوم «الدلال» و»التكبر على المهن الصغيرة» عند الحديث عن رغبة الإماراتيين بمهن أفضل وظيفياً، وأقوى من حيث الرواتب. لم يجب علينا ونحن الأحق بهذه الوظائف أن نرضى «بفتات» سوق العمل، ونترك الوظائف ذات العوائد المجزية لغيرنا، كيف يستكثر علينا البعض أن نكون في طليعة سوق العمل، وندير المنشآت الوطنية حكومية كانت أو خاصة إن كنّا نملك من الخبرة والقدرة ما يمكننا من ذلك. يؤهل الإماراتيون جيدا لشغل الوظائف المختلفة، فحتى خريجي الثانوية العامة يحرصون على الحصول على شهادات في العلوم المكتبية تقوي موقفهم عند البحث عن وظيفة، ويمكنهم طبعا الانخراط في دورات تدريبية وتأهيلية لتمكينهم من الوظائف المناسبة، وهذا بالطبع ما يجعلهم أحق بأن يحصلوا على فرص وظيفية أكثر جودة. معظم الإماراتيين الباحثين عن عمل خريجون حصلوا على الشهادات الجامعية، لكن الفرص الوظيفية التي تعرض عليهم تكون أقل من توقعاتهم سواء من حيث المسميات أو الرواتب، وهذا ما يطيل فترة بحثهم عن العمل ويسبب خسارة وطنية لجهودهم الكبيرة. سوق العمل الإماراتي يوفر أكثر من 5 ملايين فرصة وظيفية، والإماراتيون لا يتجاوزون 10? منها بحسب آخر إحصائيات القوى العاملة المعلنة، وما دامت هذه هي نسبتنا فإذا نحن الأحق بالحصول على فرص جيدة من ضمن الـ 90? المتبقية، من غير الضروري أن تبتكر لنا مهاما على «المقاس» لكن من الضروري جدا أن لا نوضع في آخر بنود مستحقي الحصول على الوظيفة، بل على العكس يجب أن تتيح لنا هويتنا المزيد من الفرص وأن يكون حصول الإماراتي على الوظيفة المتناسبة مع مهاراته وقدراته هو الخيار الأول في سوق العمل، وعندما يشغل الإماراتيون الـ 90? من سوق العمل، يمكن في تلك اللحظة الحديث عن ناس مرفهين مدللين لا يودون العمل في وظائف متدنية الأجور بمصداقية أكبر.