من المعلومات الغريبة التي عرفتها مؤخراً، أن تعداد سكان الإمارات من المواطنين في آخر سنتين يعاني من الجمود بلا زيادة أو نقصان بسبب تعادل نسبة المواليد مع نسبة الوفيات. وأعتقد أن هذه المعلومة جديدة أيضاً على الكثيرين منكم، على اعتبار أن مسألة النمو السكاني، وعدد المواليد وقياسها بنسبة الوفيات ليست من الأخبار التي تستهوي الكثيرين في العادة، لأنها معلومات جافة ومملة في أغلب الأحيان، ولا يهتم أحد بمتابعتها، لكن في بعض الحالات ومنها حالة الإمارات فإن الموضوع يستحق أكثر من وقفة لأنه يتضمن مجموعة من المؤشرات السلبية. حسب الإحصائيات فإن نسبة المواليد في عام 2009 كانت أقل من نسبة الوفيات حيث بلغت 1.9 % فيما بلغت نسبة الوفيات 2%، والمعنى أن السكان المواطنين في هذه السنة تقلص بنسبة واحد من عشرة. وفي السنة الماضية لم يتغير الوضع كثيراً، وإن كان أفضل من العام الذي سبقه على اعتبار أن نسبة المواليد بلغت 2% وهي نفس نسبة الوفيات، لكن مع ذلك تظل نسبة المواليد منخفضة للغاية لأنها لا تقدم أي نمو في معدل السكان. معنى ذلك أن النمو السكاني للمواطنين لا يتحرك لا بالإيجاب ولا بالسلب، وهذا مؤشر خطير لا يتماشى مع وضع الدولة والخلل الذي تعاني منه في التركيبة السكانية، والتي تميل الكفة فيها للوافدين بصورة صارخة كما يعرف الجميع. واستمرار هذا الوضع على حاله في المستقبل سيعني زيادة الخلل في التركيبة السكانية وتعميقها أكثر مما هي موجودة في الوقت الراهن، وهو اتجاه لا يرغب أحد في أن يسلكه ويخالف التوجهات الموضوعة للتخفيف من حدة المشكلة، ولا نقول التغلب عليها لأننا نعرف أنه مهما عملنا في الفترة القادمة ومهما زادت نسبة المواليد، فإننا لن نتمكن من علاج الخلل. والمشكلة لا تقتصر على الخلل في التركيبة السكانية، ولكنها تشمل نمو عدد المواطنين، ولاشك أن استمرار المعدل المنخفض في عدد المواليد سيقودنا في يوم من الأيام للتحول إلى جنس مهدد بالانقراض! ونحن بالأصل «مش ناقصين»، لأن عددنا أشبه بنقطة في بحر، لذلك فإن هذه المشكلة لابد أن تحصل على حقها من الاهتمام، حتى لا تتفاقم وتكبر ويتقلص عدد المواطنين بدلا من زيادتهم. نريد وجود نمو سكاني معقول بشكل دائم وهو أضعف الإيمان كما يقال، وهذه المسألة ليست صعبة ولكنها تحتاج إلى إرادة حكومية لتحقيقها عن طريق تبني سياسات تشجع على زيادة النسل. سيف الشامسي Saif.alshamsi@admedia.ae