ننظر بتفاؤل لمذكرة التفاهم التي وقعتها وزارة التربية والتعليم مع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات لرفد مناهج اللغة العربية بنصوص أدبية إماراتية، وهو تفاؤل ينبع من دور منتظر لخطوة كهذه في إنهاء غربة مناهجنا الدراسية في اغلب موادها. وبموجب هذه المذكرة سيتم إدخال نصوص أدبية إماراتية الى مناهج اللغة العربية وتنظيم مسابقات أدبية سنوية لطلبة المرحلة الثانوية في المدارس الحكومية، تشجيعا للمبدعين وأصحاب المواهب الادبية. كما أنه تفاؤل يمتد بتطلعه لأن يشمل مبادرات مماثلة مناهج أخرى كالتاريخ والتربية الوطنية والجغرافيا وحتى اللغة الانجليزية لتتضمن موادا ونصوصا من البيئة المحلية تساعد على تعزيز ارتباط النشء ببيئتهم المحلية وتاريخهم. وإذا كانت المناهج مغربة في السابق بتلك الصورة التي يعرف معها الطالب مجريات احداث جرت في جزر «واق الواق»، ولا يدري بتاريخ منطقته ناهيك بيئته المحلية. ولعل أبرز نموذج طالعنا مؤخرا ما كشفت عنه الاحتفالية التي نظمتها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بمناسبة مئوية الشيخ زايد الكبير، من جهل شرائح واسعة من الاجيال بفصول جليلة من تاريخ هذا الوطن الغالي. وهي مناسبة تدعونا كذلك لتوظيف الجهد الكبير الذي تقوم به الهيئة لتدوين التاريخ الشفهي للإمارات في مناهجنا الوطنية، وهي خطوة كنا نتمنى أن يتلقفها مجلس أبوظبي للتعليم وإثرائها بما يسهم في الاستفادة منها في المناهج. وهي مساهمة ستعزز وبلا شك في المبادرات الخاصة بتعزيز الهوية الوطنية وتعميق الانتماء الذي تؤكد عليه الدولة في مختلف المناسبات، في زمن يواجه فيه النشء رياح التغيير والتغريب والعولمة. واذا كانت مبادرات الدولة في هذا الشأن قد أكدت على الانفتاح والتفاعل مع «الآخر» من دون الانسلاخ عن الجذور والدعائم الصلبة للموروث المحلي، فإن المناهج التعليمية يجب أن تستلهم من هذه التوجهات الأساس الذي تنطلق منه، والبناء الذي تؤسس عليه في التعامل مع هذه القضية الواضحة التي لا تحتاج لكل تلك الورش والملتقيات واستجلاب الخبراء والتجارب من كل مكان. إن النصوص المحلية التي ستقدم للمنهج سواء في اللغة العربية او غيرها من المواد إنما تعبر عن غنى تاريخ هذه المنطقة، وثرائها بإبداعات من صنع ابنائها في ساحة تترع بالأسماء والرموز التاريخية وشواهد هذه الأرض التي لم تكن عقيمة وهي تقدم كوكبة من المبدعين اثروا بيئتهم المحلية، وكانت منذ بواكير الأيام ساحة تفاعل إنساني وتعايش حضاري، قبل آماد بعيدة عما يتحدث عنه اليوم البعض عن قيم التسامح والتعايش الإنساني. وهو إرث نعتز به باعتباره كان ولا زال أساسا متينا ومهما للنهج الذي قامت وسارت عليه الدولة الحديثة، وانطلقت منه في القيام بدورها اليوم إقليميا وعالمياً. ونحن نرحب بمبادرة كالتي تمت بين وزارة التربية والتعليم واتحاد كتاب وأدباء الامارات، نتمنى اتساع الافق لمبادرات مماثلة تُعنى في المقام الأول بإتاحة إبداعات إنسان هذه الأرض أمام الأجيال، لتتواصل وتتعزز الروابط بينها من دون انغلاق وانزواء، وهي تحلق نحو آفاق رحبة من المعرفة الإنسانية. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae