مدارس الفلل، أصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهل العملية التعليمية، وصارت هذه المدارس ذات المحيط الضيق، والأفق الأضيق، تمارس نوعاً من الهواية لإثبات الذات، على الرغم من عدم صلاحيتها وملاءمتها، وأحقيتها، في ممارسة مهنة من أقدس المهن، لأنها مهن تحتضن عقول المستقبل، وإرادة الغد، الأمر الذي يتطلب درجة عالية من الوعي بأهمية هذا الدور.. مدارس الفلل، التي تفتقد عناصر السلامة والأمن، وأخلاق التربية والتعليم لا تستحق أن تحمل هذا الاسم، ولا يليق بها أن تتبوأ دور التعليم في بلد استطاع أن يحقق نجاحات رائعة في هذا المجال، وتمكن من الوصول إلى مراتب عالية جداً على صعيد البناء التعليمي، وما يتبعه ويلحقه ويحاذيه ويساويه ويوازيه من مستلزمات التعليم الحديث.
إذاً، ما تقوم به بلدية أبوظبي من جهود جبّارة في مطاردة الهاربين من المسؤولية، الفارين من الالتزام، لهو الالتزام الحقيقي والأخلاقي تجاه الإنسان والوطن، وما تحذير وإنذار ست مدارس بالإغلاق، إلا إشارة حمراء تنبئ بأن البلدية جادة في قراراتها، وذاهبة إلى الأعلى باتجاه رصد المخالفين والمتجاوزين، والذين لا تعنيهم المسألة التعليمية كما تعنيهم “فلوسها”.
وما من شك في أن التجارة حق مشروع لكل إنسان يريد أن يطور قدراته وينمي إمكاناته المادية، ولكن عندما تصبح التجارة فكاً مفترساً، فلا بد من تحطيم هذه الأضراس الفتاكة، ولا بد من ترويض الضواري، وفي أحيان كثيرة نحتاج إلى مطاردتها وإبعادها، خارج حياضنا، وبعيداً عن ديارنا، حتى لا تنال من حياة ومستقبل أبنائنا.. فالتجارة لا تعني الاستغلال، ولا تعني الاستغفال، ولا يمكن أن تكون سيفاً مسلطاً على رقاب البشر، يغرف وينزف ولا يعترف بما هو منطقي وما هو حق للمجتمع، على من يريد أن يتاجر، أول الحقوق أن يراعي الظروف وأن يفكر أولاً وأخيراً بكل ما يمس المصير، ويجرح المستقبل أو يخربش في صفحات العقل أو يضر بحياة من يتعامل معهم.
التجارة عمل يتشرف به كل إنسان عندما تكون مهنة الصادقين المخلصين المتفانين، الناكرين لذاتهم لصالح الوطن.. التجارة لا يمكن أن تكون إلا الموازي والمساوي، لهموم الوطن وتطلعات إنسانه، وطموحات الأجيال.. وفي نهاية الأمر لا يسعنا إلا أن نقول شكراً لبلدية أبوظبي، وشكراً لكل مخلص ومحب لهذا الوطن المعطاء.. والنبلاء في بلادنا كثُر.


marafea@emi.ae