في فترة زمنية قصيرة نوعاً ما، زادت أخبار غريبة وذات دلالات يجب أن نتمعن فيها جيداً، أخبار من شاكلة مدرس يتحرش بطفلة في السادسة من عمرها، فني أشعة عربي يتحرش بمريضته، عاملة مقهى تزور بطاقات ائتمان خاصة بالزبائن لمصلحة عصابات في أوروبا، عاملة أفريقية تعتدي على مخدومتها بالسكين، سائق آسيوي يطعن أحد أقرباء كفيله ويحاول سرقة منزله، عاملة آسيوية تضع مسحوق الصابون في بودرة حليب أطفال العائلة، وهلم جرا ..!!
هذه الأخبار ليست مفبركة في معظمها وليست شائعات حسب مانعتقد، وكما تؤكد الوسائل الإعلامية المحلية التي أوردتها، لكنها تنتشر عبر المواقع والمنتديات الإلكترونية بسرعة البرق وربما أسرع وكأننا متعطشون لما يشوه صورتنا ويغتالون ويسرقون ويتحرش بأبنائهم من دون أن يعرفوا ما يدور حولهم، حين تأملت حزمة الأخبار وجدتها تتضمن رسالة خطيرة جداً، لا يمكن أن نمررها هكذا ببراءة أبداً.
نحن ندفع غالياً ثمن ثقتنا المفرطة بمن حولنا ومن نتعامل معهم ويقدمون لنا خدمات مختلفة ومنحهم صلاحيات ليست من ضمن اختصاصاتهم وبالتحديد فيما يتعلق بتربية الأبناء والاهتمام بالصغار اهتماماً كاملاً وكأن لا أم موجودة في المنزل، نحن ندفع ثمن عفويتنا وطيبتنا غير المبررة، فوسعنا حزمة مطالبنا ممن حولنا وبالتالي اتسعت دائرة صلاحياتهم ونفوذهم في بيوتنا حتى طالت أبناءنا وبناتنا المراهقات للأسف.
نحن ندفع ثمن التغيير الاجتماعي والانفتاح لأننا اخترناه ولأنه أفضل من الانغلاق بالتأكيد، لكن الانفتاح لا يعني تسليم المفاتيح لكل من هب ودب، مفاتيح بيوتنا، وأماناتنا التي في أعناقنا، مفاتيح حياتنا، وشؤوننا وغذائنا، فذلك ليس انفتاحاً بل هو انتحار اختياري ومقنن أيضاً.
الأخبار التي أوردناها في البداية أوصلت رسالة في غاية السوء والسلبية عن المجتمع، والاستمرار في نشر هذه الأخبار بالكثافة التي أصبحت عليها منذ مدة ليست في مصلحتنا أبداً فهي لا تنبه أحداً ولا توقف التدهور في تعاطينا مع مسؤولياتنا، إنها تكرس صورة غير مرغوبة عن إنسان هذا المجتمع: فهو متواكل، معتمد على الآخر في كل شيء، تنتهك حياته بشكل يومي ومن قبل أشخاص يعملون تحت إمرته من دون أن يستطيع إيقاف الكارثة.
المسألة ليست بالكارثية التي تصورها هذه الأخبار مع اعترافنا بوجود هذه الحالات، لكن لدينا صوراً إيجابية كثيرة في المجتمع، لا نرى أن الإعلام والصحفيين يكرسونها في المقابل كما يفعلون مع نقيضها حتى وصل الأمر إلى شعور حقيقي بالاستياء عند عدد كبير من الناس، وهنا فالكل يتساءل من هي هذه المرأة التي تسمح بالتحرش بأبنائها وهي غافلة لا تدري بما يحدث في بيتها، ومن هو الرجل الذي تنتهك حرمات بيته وهو لا يهتم بذلك ؟
لا شك أن هناك جرائم في كل مجتمع وتجاوزات وإهمال من الناس فلسنا في مجتمع ملائكة، لكن التركيز على نوعية من الأخبار ذات دلالات غير بريئة أبداً وترسم صورة نمطية غاية في السلبية عن إنسان الإمارات بحاجة إلى وقفة ودراسة وتمعن لمصلحة الجميع.

ayya-222@hotmail.com