العالقون هذه الأيام كثر، وحين تجبرك الظروف أن تكون أحدهم، وفي مدينة لا تضمر لها الحب الكثير، يكون يومك ممطوطاً ولزجاً، وغير قابل للانتهاء، تتذكر في تلك الساعات التي تطول بالانتظار غير المجدي، والنتائج غير الواضحة فيلم “ذا ترمينال” لـ”توم هانكس والمخرج سيبلبيرج” وتتذكر القصة الحقيقية، لذاك المواطن الإيراني الهارب من الحرب وأسرها إلى حلم العيش بحرية في الغرب، لكن أثناء خط سيره نحو حلمه بين بلجيكا وفرنسا وبريطانيا، تسرق منه هويته وأوراقه، ليصبح أسيراً في مطار باريس طوال 18 عاماً، ميهران كريمي نصيري، وصل المطار يوم 8-8-1988 وكان قد مضى على زفاف ديانا وتشارلز سبع سنوات، وكان العالم ما يزال فرحاً بذاك العرس الأسطوري، وحده ميهران كان حزيناً من ويل الحرب، وبعدما حملت ديانا وأنجبت الولد البكر، ثم حملت ثانية وأنجبت أخيه، وميهران مازال يبحث عن مخرج من حرب لا يريدها، عاشت ديانا أوقاتاً حلوة، وفرّحت العالم معها، وعاشت أوقاتاً مرّة، وأخفت دمعها عن العالم، ومهيران يعلق في مطار لا يعرفه، وفي مساحة رخامية باردة، يحاول أن يجعل من أركانها العارية مبيتاً مؤجلاً، عل الفجر يأتي بخبر سعيد، طافت ديانا العالم، أسرت قلوب الناس رسميين وشعبيين، وتألقت بفساتينها الحريرية، وابتسامتها الساحرة، وميهران وحده كان يهرب من برد مطار تشارلز ديجول إلى دفء عيون المسافرين ومنظر جوازاتهم التي يحملونها متباهين في اليد، ديانا وخلاف زوجي في العلن، وبداية انفصال يغضب البلاط، والعالم يقلق من هذا الجفاء، وحده ميهران لم يكن أحد من يراسله أو يتذكره، ظهور شبح المرأة الخريفية في حياة تشارلز، وظهور رسائل ومكالمات غرامية في حياة ديانا، والجدة ذات التاج الملكي لأسرة عريقة ومعمرة تضع حفيديها تحت عباءتها الملكية، وحده ميهران كان قد بدأ يتواءم مع المكان، وبدأ يعرف خارطته، وبدأ المسافرون الدائمون يلقون عليه التحية كمقيم خارج المياه الإقليمية، حاولت ديانا الهروب من مشكلاتها الزوجية باتجاه العمل التطوعي، ومساعدة الفقراء، وأطفال الحرب وضحايا الألغام، وحده ميهران كان ضحية غير معترف بها بلا اسم أو وطن أو عنوان أو هوية، ديانا تبكي حالها أمام الناس، وتنهار بالخيانة، وحده ميهران كان قد نسي كل من خانه، وهم كثر، ونسى أن يتذكر، ديانا قد تفجر القلاع التاريخية الملكية، والحرس القديم يخرج من جدرانها معلناً قراراً واحداً وقاتلاً، وميهران مازال في المطار ينتظر قرار الاعتراف به، في الشهر الثامن من عام 97 ديانا تتحطم عظامها في سيارة سوداء في نفق غير مظلم في باريس، والعالم يحزن لوفاة أميرة القلوب، وحده ميهران كان يومها حزينا على نفسه، وقابعاً في المطار ينتظر العبث الذي لا يأتي!



amood8@yahoo.com