تتحمل البنوك جزءاً كبيراً من مسؤولية تفشي ظاهرة الديون، وتحولها إلى ظاهرة مقلقة، تستدعي اليوم إيجاد حل جذري لها، بعد أن شهدت الزج بمتعسرين خلف القضبان، وتدمير أسر، والعديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، وغيرها من المشكلات، بل تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية لما آلت إليه أحوالنا اليوم، فهي بارعة في الإيقاع بضحاياها المحتاجين، ونصب الشباك لهم، ولف الحبال والقيود الحديدية حول رقابهم، وما يملكون، مستغلة كما ذكرت حاجة المقترض وظروفه التي قادته إلى اللجوء للبنوك لتأمين ضرورة أو قضاء حاجة، وحتى للترف في بعض المرات، كي لا يقال إنني محاب للمدين على حساب الدائن، وبالمناسبة براثن الديون لم يسقط فيها المواطنون فحسب بل حتى المقيمون، وإن كان السواد الأعظم، من المدينين، مواطنين، الذين هم الهدف الأول للبنك، باعتبار أنهم الأضمن في السداد أو استرداد الدين بأي شكل من الأشكال، فالمواطن إذا تعثر أو تأخر لأي سبب من الأسباب يسهل الوصول إليه، والأسهل سجنه خلف القضبان.
إن ممارسات البنوك وتسهيلاتها وعدم التزامها بشروط المصرف المركزي التي إلى يومنا هذا حبر على ورق، وتغاضيها عن الحصول على الضمانات الكافية من المقترضين، يجب أن تؤخذ في الحسبان، ويجب على الجهات المعنية وضع حد لمراوغات البنوك، وتسهيلاتها المستمرة، وتحايلها على القوانين والأنظمة، والتشريعات التي يجب أن تكون أساس عملها.
إن التجارب والسنوات الماضية أثبتت تنصل المصرف المركزي من القيام بدوره بشكل فاعل، لإنصاف المتعاملين، وعليه، على الجهات العليا البحث عن جهة حكومية أخرى تُعنى بالرقابة على البنوك، والاستماع لشكاوى المتعاملين الذين لا يجدون من ينصفهم، ويسترد حقوقهم عند بعض البنوك التي تلوي أذرعهم، وتعلق رقابهم بالمشانق بكم التوقيعات والأوراق والضمانات التي يوقعها المتعامل مضطراً، لأنه في الموقف الأضعف.
وتعليقاً على زاوية الأسبوع الماضي، كتب أحد القراء رسالة، جاء فيها “جميع الدول لا تتعامل مع قضية الشيك بدون رصيد بصفة جنائية، ويكون التعامل بصفة مدنية، بمعنى أن البنك الذي يحمل شيكاً بدون رصيد ضد مقترض عاجز عن سداده، عليه التوجه إلى القضاء، وليس التوجه لأقرب مركز شرطة، لتقديم بلاغ ضد المقترض، والمطالبة بسجنه، ماذا يفيد سجن لمن هو عاجز عن السداد؟
لقد شهدت الدولة أزمة عقارية كان أحد أسبابها هو اندفاع البنوك إلى التمويل بنسب مرتفعة جداً، متجاهلة خطورة الارتفاع السريع للأسعار، ومستندة على أنه في حال تخلف المقترض عن السداد فإن شيك الضمان سوف يقدم للشرطة، ليتم الضغط النفسي على المقترض ليقوم بالسداد، وإنني ومن خلال هذه الرسالة، أناشدكم بالاستمرار في حملتكم الإعلامية ضد استخدام الشيكات كوسيلة تهديد تستخدمها البنوك لتهديد المواطنين”.
قد نتفق وقد نختلف مع رأي القارئ، ولكن يجب مراجعة سياسة الديون والتسهيلات التي تقدم، وإنصاف العميل الذي هو أساس نجاح أي مصرف.



m.eisa@alittihad.ae