يقول الخبر إن اللجنة المختصة بتوطين الإعلام والمنبثقة من المجلس الوطني للإعلام ناقشت في اجتماعها الأول آليات استقطاب العناصر المواطنة إلى العمل الإعلامي والمحافظة على أصحاب الكفاءات منها، على اعتبار أن توطين القطاع الإعلامي مسألة تمثل أولوية في استراتيجية حكومة دولة الإمارات، داعية المؤسسات الإعلامية، سواء في ميدان الصحافة أو محطات التلفزة إلى التعاون المثمر مع اللجنة لتحقيق تقدم ملموس عبر طرح مبادرات إيجابية تساهم في التوطين في قطاع الإعلام .
كلام جميل جداً نتمنى أن يتحول إلى واقع ملموس، فمشكلة إعلامنا ليس في عدم وجود التقنيات ولا الإمكانيات، ولكن في وجود المواطن في كل مفاصل العمل الإعلامي، ومن العجيب أن نظل نطالب بتوطين إعلامنا الوطني حتى اليوم وبعد مضي كل هذه السنوات على ولادته منذ سبعينيات القرن الماضي .. هناك إذن إشكالية أو عوائق – حتى لا نتواضع وندعي انه عائق واحد – تجعلنا في مجال توطين الإعلام نراوح في مكاننا خطوة للأمام وخطوتان للخلف .. فماهي الإشكالية يا ترى؟
نتمنى أن تكون لدى اللجنة المختصة بأمر التوطين في القطاع الإعلامي دراسة علمية موضوعية حول معوقات التوطين في القطاع الإعلامي، وأسباب عدم نجاح البيئة الإعلامية المحلية في استقطاب الشباب الإماراتي للعمل فيها، وعلاقة ذلك كلة بالتركيبة الديمغرافية والثقافية لهذا الإعلام، فلو أن هذا الإعلام كان جاذبا وليس طاردا، مرحبا وليس معوقا، باحثا عن الشاب المواطن وليس متجاهلا له، فرص عمل، فهذا لا يحدث في أي مكان في العالم إلا عندنا، أن يجتمع مسؤولو الإعلام في أي دولة ليطالبوا أنفسهم بتوطين إعلامهم!!!
هناك إذن إشكالية كبيرة، علينا أن نواجهها بشفافية طالما أن الشفافية هي اللغة السائدة والنبرة العالية هذه الأيام، والشفافية تقول إن سيطرة غير المواطن على إعلام أي دولة ليس في صالح مستقبل ولا أمن هذه الدولة، لا نتحدث عن رفض وجود غير المواطن في إعلامنا لكننا نتحدث عن السيطرة والاستحواذ والوجود الأكبر، فوجود مذيعة أو مذيعين، ومخرج هنا ومعدة برامج خفيفة هناك لا يمثل لا توطينا ولا هم يحزنون، نحن بحاجة لخطة واضحة كمية ونوعية تحدد بوضوح أننا نريد بعد أربع سنوات من الآن مثلا أن يكون لدينا عدد محدد من الشباب في مؤسساتنا الإعلامية في كل حقول ومجالات العمل الإعلامي بلا استثناء .
علينا أن نتخلص من فكرة صارت سخيفة وغير مقبولة مطلقا وهي أن هناك تخصصات ومجالات لا يحبها أو لا يجيد التخصص فيها أو لا يتقنها المواطن، وأن هذه التخصصات حكر على غير المواطن، علينا تجاوز هذه المسألة أو هذه الذهنية المتراخية والكسولة، فليس هناك تخصص مصنوع لأشخاص دون أشخاص آخرين، وهنا يلعب التخطيط بين مؤسسات الإعلام، وخريجي الثانوية العامة ووزارة التعليم العالي دوره في التوجيه والإرشاد، يجب أن يبدأ العمل بإعداد كوادرنا الإعلامية وتوجيههم نحو التخصصات المطلوبة وهم على مقاعد الدراسة الثانوية قبل أن يقدموا طلبات التحاقهم بالجامعات.
المسألة تحتاج إلى جهد وتخطيط وحرص وأمانة، فالقضية قضية وطن وأجيال وتبعات مستقبلية ما زلنا للأسف نتعامل معها فولكلوريا، توطين الإعلام ليس أمرا سهلا بالمطلق لكنه ليس مستحيلا أبدا إذا خططنا له بشكل سليم، ووضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح.



ayya-222@hotmail.com