طالعتنا صحيفة محلية ناطقة باللغة الانجليزية بخبر غريب عجيب قبل يومين، فقد ذكرت عن وجود مكتب تزويج يوفر زوجات “تيشكيات” أي من جمهورية التشيك للراغبين من الرجال بمبلغ لا يتجاوز 7000 درهم. وبغض النظر من أن النساء يتجمهرن الآن مدججات بالأحذية ذات الكعوب المدببة، وبالطماطم الفاسدة والبيض ليصنعن عجة طائرة على زجاج هذا المكتب، فإن الخبر أسعد الرجال الذين تداولوه عبر البلاك بيري والروابط الالكترونية والايميلات، وتأبطوه “شراً” في طريقهم إلى المقاهي، مع الحرص كل الحرص على أن لا تراه زوجاتهم، كي لا يتحولون إلى عبرة لمن لا يعتبر! ترتكز المواصفات التي يروج لها صاحب المكتب على العرائس الجميلات، صغيرات السن، لكنه يزيدهن بصفة يقول عنها “لسن نسائيات” ! الصفات الأولى من جمال وخلافه صفات موجودة في كل دول العالم، والنظرة لها نسبية، كما أن فتيات العرب ولا شك يملكن من الجمال ما يضاهين به ربات الجمال الفينيقيات. لكن “لسن نسائيات” فهذه جديدة! يقصد بها الرجل أنهن لم يخضعن بعد لمسألة التحرر النسائي والرغبة بالاستقلالية، ولم يفضلن الوظيفة على الحياة الزوجية، ولم يعتمدن يوما على خادمة. هذه الصفات يبحث عنها الرجال في مجتمعنا “بالتفق” كما نقول بالمحلية، لكنها تستلزم أيضا رجالا “يقدسون الحياة الزوجية” ويهتمون لأمر نسائهم، ويعملون جاهدين على تلبية طلباتهن وتوفير كل سبل الراحة لهن. البقاء على السجية الأنثوية الخالصة، يستلزم الكثير من التضحيات، ويحتاج (في هذا الزمن تحديدا) للكثير من الأموال، ولم تعد المرأة القابعة في بيتها ترضى بأن تجدد خزانتها يوم العيد أو ألا تزور الصالون إلا في المناسبات. أن تحتفظ المرأة بكيانها كامرأة يحتاج إلى نفقة مضاعفة على الرجل، فإن لم يستطع أن يوفر لها هذه النفقة فعليه إذا أن يرضى بأن تعمل لتساهم في نفقاتها الخاصة على أقل تقدير. أن تبقى الفتاة بعيدة عن الحراك النسائي العام في المجتمع، أمر مؤقت لا يستمر كثيرا، فحتى مثل هؤلاء النساء اللواتي يجلبن ويزوجن بطريقة بخسة سيعلو صيتهن بعد عدة أشهر وتغمرهن موجة الاحتياجات النسائية، ويطالبن بحقوقهن كنساء في المجتمع، وأول من يطالبنه سيكون “الزوج”. مسألة “البعد عن التحرر النسائي” الذي يروج له البعض ليس هو الحل الصحيح ولا المقوم الأفضل للاقتران بامرأة، لكنه مجرد ترويج للزواج بأنثى تكمل أثاث المنزل وتصبح مجرد أداة متعة لا تملك رأيا ولا قناعة، وتعيش بالحكمة الصينية “لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم” فتصير روبوتا ينفذ رغبات الرجل دون جدال، وهذا النموذج لن يجده الرجال حتى لو اقترنوا بنساء “الواق واق”، ولن يتوافر إلا في دمى “سيلكونية” جامدة خالية من الحياة. فتحية البلوشي