قبل بداية المباراة بين الإمارات والشباب في نهائي كأس صاحب السمو رئيس الدولة، لم أكن ضد الشباب، ولكنني كنت مع الإمارات، فقد اعتادت فطرتنا أن ننحاز دوماً للباحثين عن الفرحة الأولى.. تنحاز لمن يطاردون أملاً طال انتظاره.. تنحاز للقادمين من الصفوف الخلفية، بالعرق والكفاح.. بعيداً عن الأضواء، لنراهم في قلب المشهد عن استحقاق، مثلما كان حال فريق الإمارات الذي اجتاز محطات صعبة، تغلب فيها على الوصل في دور الـ16 وعجمان في دور الثمانية، ثم الوحدة في نصف النهائي ليفرض نفسه طرفاً أصيلاً في النهائي، وخلال هذه المسيرة، وبغض النظر عن موقفه في الدوري، كان طبيعياً أن يؤلف الكثير من القلوب.. القلوب التواقة لفرحة المشتاق و«المتعطش».
وجاء النهائي الرائع مختلفاً في كل شيء، فهو أولاً كشف عن بطل جديد للمسابقة الغالية، والمهم أنه حفل بالعديد من المشاعر الإنسانية التي خطفت القلوب، كان بطلها الأول الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، راعي الحفل الختامي، والذي كعادته، أسر قلوب محبيه من أبناء هذا الوطن، الذي حباه الله بقيادة يحسدنا عليها العالم أجمع.. هي قيادة عاشقة للوطن بكل أطيافه، تعطي دون تكلف وبعفوية ندر أن نرى مثلها في هذا الزمان.
في النهائي، بدا الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وقد اختزل في صدره كافة المعطيات.. معطيات مدرب مواطن، قاد فريقه في مهمة مستحيلة فإذا به يصل إلى القمة، ومعطيات فريق يصارع الهبوط، لكنه ينتفض فارساً في أعظم مناسبة، وكم كان المشهد مؤثراً وسموه يحتضن عيد باروت، مثلما احتضن بالأمس القريب نجم منتخبنا الوطني لـ«الجيو جيتسو» فيصل الكتبي، فشعرنا أنه يحتضننا جميعاً.. يحتضن في شخصه كل مجيد وكل مجتهد وكل مثابر ومكافح.. ويربت على كتفه، فإذا به يهدهد على صدري معه .. هكذا كان المد من ستاد مدينة زايد إلى كل صدور أبناء الوطن الذي خطفهم المشهد عن كل شيء آخر، وغمرتهم تلك المشاعر الإنسانية العفوية لسموه، فأسرتهم، وكان النهائي مناسبة لندرك مثلما ندرك كل صباح، كم نحن محظوظون بهذه القيادة المحبة للخير والوطن.
أيضاً.. قدم سموه درساً في التواضع والرفعة معاً، حين مسح قفاز حارس الإمارات، حسن الشريف بـِكُم «كندورته» قبل أن يوقع له على القفاز، فمسح معها القلوب، وترك البرد والسلام في الصدور التي غمرها المشهد بالسكينة والرضا.
وهناك بعض الشخصيات غير قابلة للتقليد، مثلما هو حال سموه، الذي يرتجل مواقف إنسانية، لم يخطط لها، مقدماً سمات قائد إنسان، في زمن ندرت فيه سمات القيادة، التي تفيض نبعاً من الحب والخير على كل من حولها، فكم نحن محظوظون به، وكم نحن محظوظون بهذه اللآلئ التي تنير وطننا، مضيئة لنا درب الحياة، لنمضي فيه، ونحن على يقين أن يداً حانية تقودنا .. إلى الخير وإلى السلام.
هنيئاً للإمارات الكأس، وهنيئاً للنهائي هذه الإنسانيات التي ارتقت به من ساحة الكرة، إلى ساحة أكثر رحابة.. هي ساحة الوطن، الذي يبني في كل يوم علامات للحب وإمارات للحب».
كلمة أخيرة:
أحياناً تتضاءل الكلمات .. تتوارى خجلاً عن وصف موقف ما.. وبرغم كل ما مضى أشعر أن ما أحسسته عجزت عن تفسيره.. هكذا الأفعال العظيمة.. نحسها.. تغمرنا .. ومهما وصفناها.. لا نقول إلا القليل.


mohamed.albade@admedia.ae