كل شيء يمر بسرعة دون أن يتيح لي حتى فرصة التعليق؛ أفاجأ بنفسي ألهث دون أن انتبه أساساً أني أركض بجنون، وحتى هذا الانتباه وهم، ولا أجده إلا كلمة على الورق. هي حالة جديدة لا أتوقع استمرارها، ولست على استعداد لذلك، ولكني على استعداد لإكمال التجربة، فالتجارب الجديدة فرص لا تتكرر دائماً، حتى وان كانت على عَجل.

***
أخيراً استطعت التخلص من خلطاتي الخاصة التي يعرفها القريبون مني، والتي أجيد بها ترقيع البالي من أموري؛ فبعد سنوات طويلة ومحاولات كثيرة، جاء قرار التخلص من لافتة «مغلق للتحسينات» فعلاً صائباً، ورفع لافتة «تحت الإنشاء» قرار أكثر حكمة؛ تبدو هذه العبارة لائقة تماماً لكل من يرغب في نفض كل شيء والبدء من اللا شيء، من البدايات الحقيقية للذات، بدلاً من تلك التي ترمم بها أشياء فعلوها الآخرون؛ بدايات لها صوت الثورة، وطعم الشمس، ورائحة المواليد الجدد.
«تحت الإنشاء» وضع يشي بالغموض ويوحي بالأمل ويثير الشوق؛ وضع له أرض بلورية تغوي بالرقص والسقوط ومعاودة الرقص من جديد؛ عليها ستخلع عنك محاذيرك وكل تعاويذهم، فلا حراسة تربك حضورك، ولا قوانين ترفع المقاصل، فقط أنت والأرضية الجديدة.

***
فترة ما- تطول لدى بعضنا- نرسم لشريكنا أشكالًا مكتملة، نحدد طوله، لون بشرته، شكل شعره، وبعضنا يحدد لون عينيه، نترك لفرشاة الخيال تسرح في وجهه ترسم تفاصيله المستقاة من نجوم السينما والغناء؛ ولكننا لا ندرك أن حاجتنا أهم بكثير إلى أن نرسم لنا بألوان الحب قلوباً تنبض بدقات قلوبهم، وعيوناً لنا بألوان الضوء تبصر بنور وجودهم، وأرواحاً بألوان الحياة تسكننا ونسكنها؛ محظوظون هم من بقيت لديهم ألوان ليفعلوا ذلك، ولايزالون يملكون القدرة على الرسم.


Als_almenhaly@admedia.ae