يدهشني ما أشاهده في ملاعبنا من تجاوزات ملحوظة وسلوكيات مرفوضة، لا تتفق مع روح اللعبة وتقوم بها بعض الجماهير المتعصبة، فهي تشذ عن القاعدة وتحاول أن تخلق لأنفسها أدواراً تفوق ما هو مطلوب منها، فتقع في المحظور وتتداخل الأدوار ويتحول المشجع الذي يذهب إلى الملعب من أجل تشجيع فريقه ودفعه للانتصار، إلى مصارع أو ملاكم أو سلاح دمار. وعلى سبيل المثال مباراة العين والوصل وهي إحدى المباريات الكلاسيكية لدينا ومن المفترض أن تكون مناسبة وقمة مدعاة للاحتفال، لا أن تتحول أحداثها بعد نهايتها خارج الملعب إلى ساحة قتال، فلماذا لا يفرح المشجع العيناوي بفوز فريقه وكفى، ولماذا لا يتقبل المشجع الوصلاوي هزيمة فريقه وكفى، وهل يجب أن يفوز الجميع وهذا ليس بالممكن حتى نتجنب التصرفات التي لا تتوافق مع ما نشأنا عليه ويرفضها وينبذها مجتمعنا. لا أفشي سراً إذا قلت إن جماهير الفريقين يشكلان فاكهة حقيقية في ملاعبنا، ولا يمكن إدانة كل هذه الجماهير العاشقة والذواقة والتي تؤازر فريقها في كل الظروف الكروية، ولكن أتحدث عن فئة قليلة تجردت من كل أخلاقها الرياضية وظنت أن الانتصارات تأتي بواسطة الخروج عن النص واستعراض العضلات، فنرى المشاحنات والبغضاء بين بعض جماهير الفريقين دون وجود سبب مقنع سوى أن هذا الفريق فاز فلم تكتف ثلة من جماهيره بفرحة انتصاره، وذلك الفريق خسر ولم تتقبل ثلة من جماهيره مرارة الخسارة. والقضية لا تتعلق بجماهير الفريقين وحسب، ولكن هذا التعصب موجود لدى جماهير كل الفرق والتي يجب أن تتعلم الدرس الأول في الملاعب وهو أن كرة القدم فوز وخسارة، ومع ذلك أستطيع أن أجزم بالقول إنه لم يسبق لي أن حضرت مباراة في ملاعبنا بين فريقين محليين ولم أشاهد تلك المشاحنات والتنابز بالألقاب بين بعض جماهير الفريقين وكأننا في ساحة معركة حربية وليست مباراة رياضية، فينسون أو يتناسون أننا “كلنا عيال قرية”. نعم “كلنا عيال قرية”، يجمعنا التنافس الشريف ويحكمنا قانون اللعب النظيف والروح الرياضية، كلنا إخوان وأبناء عم وجيران، وفي البيت الواحد وفي العائلة الواحدة نجد الألوان مبعثرة والانتماءات متعددة، ولا تتحكم الجغرافيا في هذه الانتماءات فتجد أحد أبناء العاصمة يشجع الوصل وثانٍ من رأس الخيمة عاشقاً للعين، وآخر من دبي متيماً بالجزيرة، فكلها أندية الوطن ونحن نتشبث بروح الاتحاد لأننا “عيال قرية” قد تختلف انتماءاتنا الرياضية ولكن هذا لا يفسد للود الذي بيننا قضية. راشد إبراهيم الزعابي | Rashed.alzaabi@admedia.ae