تشير دراسة إلى أن عدد الأثرياء في الهند ازداد خلال السنوات العشر الماضية. وجاء في دراسة أعدتها شركة “بين اندكو” الاستشارية في قطاع الأعمال أن عدد كبار الأثرياء في الهند يزيد على 115 ألفاً، ويعيش نحو 40% من سكان الهند البالغ عددهم 1.1 مليار نسمة على أقل من دولار وربع الدولار في اليوم.
عندما نتخيل هذه الأرقام الفلكية للأثرياء، وكذلك الأعداد الهائلة من المعدمين، في بلد كالهند مثلاً، ونقيس ذلك على مستوى العالم الذي يعيش فيه حوالي 88 مليون نسمة دون أدنى رعاية صحية، ولا مياه نظيفة، نجد أن هناك فجوة، هذه الفجوة صنعتها قدرات مذهلة لدى الإنسان لأن يصير غنياً، ومستهلكاً لغيره، ناشئاً على أكتافه، متحدياً قيماً إنسانية وعقائد سماوية، ومتجاوزاً حدود العلاقة بين الإنسان والإنسان في بناء الأوطان، وصياغة واقع بشري يخلو من العهن والوهن.. نتخيل أنه لو ساهم الأثرياء في العالم بجزء يسير من ثرواتهم من أجل الفقراء، لكانوا ساعداً قوياً في رفع الثقل عن كاهل الحكومات، ولخففوا كثيراً من الوزن عن المال العام.
الأثرياء الذين يستفيدون من خدمات بلدانهم، وما تقدمه لهم الحكومات من معطيات لوجستية يستطيعون بالجزء اليسير من أموالهم أن ينهضوا بأوطانهم، وأن يرفعوا الغبن عن مواطنيهم، وأن يعيش الجميع في أمن معيشي، وأمان حياتي، واستقرار لا تشوبه شائبة، ولا تكسره خائبة.. لم يتخيل الأثرياء أن الإنسان في وطنه جزء من النسيج، فعندما يشكو من علة فقر أو عوز فإنه يومئ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى أن هناك خللاً في العلاقة، وأن هناك جحوداً بائناً من قبل الأثرياء تجاه أوطانهم التي قدمت لهم كل ما ييسر جهودهم، وسهلت لهم كل ما يصعُب، وأتاحت لهم فرص النجاح لكي يرتقوا سلم الثراء، ويحققوا ما يريدون، الأمر الذي يفرض عليهم واجب الانتماء إلى هذه الأوطان، وأول الانتماء وآخره هو الأخذ بيد من يحتاج من أبناء وطنهم، والوقوف مع حكوماتهم موقفاً إيجابياً بشيمة الأوفياء وقيمة النجباء ونخوة النبلاء. نحن في بلادنا وكما هو في سائر بلاد العالم تحتاج الأوطان إلى القادرين في أن يكونوا سنداً وعضداً وقوة مضافة إلى قوة الدولة، وأن يساهموا بما يستطيعون من أجل تمكين من عجز في أن يواصل مسيرة حياته دون نقصان أو كدر. فالانتماء فعل مضاد للأنانية والفردية والنرجسية، الانتماء حب الأرض والإنسان الذي يسير على ترابها، الانتماء نكران للذات بقدر الإمكان، والانتماء تواصل وتكامل وتفاعل وفعل إيجابي من أجل الارتقاء.



marafea@emi.ae