- قوس القزح، ما هو؟ يعبر من تحته المقاتل، ويسميه قوس النصر. يعبر من تحته الفلاّح، ويسميه قوس المطر. يعبر من تحته العاشق، ويسميه قوس الحب. يعبر من تحته الكلاب وتتعاوى بفرحٍ غير مألوف. يعبر من تحته النملة وهي تحمل الحبة من قاطع إلى آخر. يعبر من تحته الفيلسوف ويسميه قنطرة الشك. يعبر من تحته الرسام ويسميه الطيف. يعبر من تحته الخائف ويسميه الخوف. أما أنا فأسأل: لماذا لا ينعقد هذا القوس إلا في الوقت الضائع بين الصحو والمطر؟ - أسأل نفسي أحياناً: لماذا لم أولد غيمة؟ لو أنا غيمة وأنتِ غيمة، لوضعت يدي على كتفِكِ وقمنا بسياحات لا تنتهي فوق الجبال والسهول والبحار، وتمشينا معاً في السماء، نراقب المدن والقرى والأنهار، ونسترق النظر الى ما تدبره الخلائق لبعضها في المكائد والحروب. وفيما نحن في الأعالي، قد نسترق السمع لما توسوس به النجوم لبعضها، أو تهمس من أخبار، وقد نطلّع خلسةٌ على الطوالع. ولو أنني غيمة، لتسللت عبر النافذة الى مخدعِك في المساء، ولا أحد يستطيع أن يمنعني من ملامسة وجهك الطري، والدخول من خلال غلالتك الرقيقة، الى جسمِكِ الزهري الفتان، فما من أحد له سلطة عليّ، ليمنعني من التسلل عبر أنفك الأقني وفمك الجميل، الى صدرِك، وأن أخالط جسمك يا حبيبتي. - أنتِ تنفرين أيتها الغيمة من قبضة الكفّ حين تضغط عليكِ لأنك حرة. وأنا مثلك، لا يمكن أن يقبض عليّ أحد. - القمر يشدّ إليه البحار بعنف، فيحدث المدّ والجزر. أما الشمس فتجذب إليها البحار بلطف، فتتكوّن الغيوم. - أسأل: ماذا يدور بين غيمة وغيمة حين تتلاقيان؟ وماذا يدور بينهما حين تفترقان؟ وماذا يدور بينهما حين تتناطحان؟ - هل الأمطار هي كلام الغيوم أم دموعها؟ - لماذا هذه الغيوم التي فوقنا تبكي دائماً وتبكي وتبكي كأنها في مناحةٍ مفتوحة؟ أثمة مأساة كبيرة توجب هذا البكاء الطويل؟ - حين تحجب غيمة رمادية، وجه القمر بكامله، فإنها تظهر كالصفعة. وحين تحجب نصف وجه القمر وتترك نصفه الآخر مضيئاً، تقوم بتجميله. - لا يستقر الغيم على رأي ولا حال. إنه يشبهني. - الغيمة فوق الشجرة قميص، وفوق الجبل عمامة، وتحت الطائرة عهن منفوش، وحين تسرح في السماء جمل في الصحراء، غيمة الصيف غزال، وغيمة الشتاء دبّ رمادي. ثم مالي وللعب مع الغيوم كالأطفال؟ أما من عمل آخر لي كالرجال.