قبل ما يزيد على ثلاثين عاماً، والمنطقة تمور بتغييرات واضطرابات سياسية لحق صحفي غربي بالقائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه في مقناصه بمنطقة رحيم يار خان الباكستانية، واستغرب الصحفي أن يكون زايد يمارس هوايته المفضلة وسط تلك الأجواء، فرد عليه رحمه الله ببساطته وصراحته المعهودتين، هل أفهم أنك قلق عليّ من شعبي؟، فأنت لا تفهم علاقتي به، إنها علاقة أبوية، يحرص الأب فيها على أن يوفر لأبنائه كل متطلبات العيش والحياة الكريمة، فلم إذن القلق؟ استعادت الذاكرة ذلك اللقاء بينما كنت أتابع الليلة قبل الماضية مقابلة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مع شبكة”سي إن إن” الأميركية، وشدد فيها على خصوصية تجربة البناء الوطني والديمقراطية في الإمارات، والتي تستمد جذورها من وسطية الإسلام، وقيم الشوري والعدل الذي هو «أساس الحكم». وفي اللقاء أوضح سموه نظرته لما يجري واصطلح على تسميته بالربيع العربي، حيث استبق سموه ذلك بالعبارة الشهيرة التي أطلقها في العام 2004” غيروا قبل أن تُغيّروا”. وقال إن هناك فرقاً بين “حكومة تعمل لمصالحها الشخصية وأخرى تعمل لمصلحة شعبها”. مشيراً لتجربة الإمارات في البناء وتحقيق رفاهية المواطن التي لم تستوعبها المذيعة التي بررت ذلك بقصر مدة تغطيتها للشأن المحلي في الإمارات، والتي لم تتعد العام الواحد، وبالتالي لم تكن تدرك عندما سألت عن حرية الصحافة في الإمارات، أنها تخاطب الرجل الذي أمر بمنع حبس أي صحفي بسبب يتعلق بعمله، في قرار يعد الأول من نوعه في عالمنا العربي. وقد أكد سموه على صون حرية التعبير والصحافة طالما لا يتم الإساءة لأحد، وغير ذلك بإمكان الصحفي أن يكتب ويخوض فيما يشاء، وما فيه المصلحة العامة. فالحرية الصحفية ممارسة يومية مسؤولة ننعم بها، ولا صلة لها-كما تريد بعض الأوساط الغربية- بقضية الأشخاص الخمسة التي تطرقت المذيعة لموضوعهم، وكانت الدولة كريمة معهم رغم ما قاموا به. وشملهم عفو قائد مسيرة الخير خليفة الخير حفظه الله. وشدد سموه خلال اللقاء على الشفافية التي تميز أداء الحكومة، وتجعل من أمر المتابعة اليومية لعمل الوزارات في مختلف المجالات ممكناً وفعالاً. ولكن يبدو أن فهم سر معادلة نجاح الإمارات عصيّ على فهم وإدراك البعض، رغم أنها بسيطة، وضع تركيبتها زايد طيب الله ثراه، وسار على نهجه خليفة حفظه الله، الذي قال” نحمد الله كثيرا أن ألهمنا ووفقنا لتسخير الثروة لخدمة شعبنا”. وقد كان إنسان هذا الوطن هو الهدف الأساس في مسيرة البناء منذ أن انطلقت قبل أكثر من أربعة عقود. وما جولات الخير، كجولة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الفجيرة ولقاءات سموه مع المواطنين، إلا صورة من ذلك النهج الطيب الذي يقوم على تلمس احتياجات المواطنين وتلبيتها. واللهم لك الحمد والمنّة، احفظ إماراتنا وشيوخنا الكرام. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae