من سنّ سُنّة خير ما انقطع أجرها، ولا نقص أجر من اقتدى بها، ومن بَصّر الناس بطريق يمكنهم أن يسلكوه نحو الخير العميم والأجر الكبير، فله الخير مثله أو كله، مثلما هي الصدقة الجارية، كماء سلسبيل، وظل ظليل، وله من الرفعة والسمو حيث لا تطاولها السحب الماطرة، وله الدعاء الذي يطمئن الروح، لا ينقطع من قلوب صادقة، ونفوس متعبة، وعيون شاخصة لمن يقيل عثرتها أو يجبر خاطرها أو يمسح دمعتها أو يتذكرها في محنتها.
هكذا جاءت مبادرة الخير من الرجل الفطن الذهين، صاحب اليد البيضاء، والعقل والفعل العملي ونحن نحتفل بالذكرى الخامسة لتولي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله مقاليد الحكم في الإمارة، حين أطلق مبادرته الخيّرة والنبيلة كما هي عادات مبادراته الطيبة السابقة واللاحقة كـ”دبي العطاء، ونور دبي” وغيرها الكثير، والتي عمت الإنسان في كل الأرجاء، دون تفرقة بين جنس أو دين أومعتقد أو عرق، فالإنسان في المدلهمات يئن من وجع واحد، ويشتكي من حمى إن أصابت عضواً تداعى سائر أعضاء الجسد الإنساني بالسهر والحمى، وحدها الأفراح تستطيع أن تفرقنا، وتقوّي من عظامنا، فلكل واحد رقصته بالنصر، وغناؤه بالفرح، أما الأحزان فنحن شركاء فيها، ونتعاضد من أجلها لتبقى ضحكة الإنسان في الحياة لها معنى، وتبقى العافية فيه وفي عمله لأهله ومجتمعه ووطنه.
لذا جاءت مبادرة سموه الكريمة بين سُنّة تقتدى، ومكرمة ترتجى حين وجه الشكر مسبقاً لكل الذين يخصونه بتهنئة كل عام في وسائل الإعلام وغيرها، داعياً أن يوجهوا ميزانيتها إلى الجمعيات الخيرية في الدولة وخاصة التي تهتم بالأيتام، وذلك لتعميم الخير وإبراز روح التماسك المجتمعي في وطني الإمارات.
تلك نافذة من فضل ومن خير، مطلة على بحر أزرق، قد شرّعها بالرحابة والسماحة رجل مبادر، صفته الفروسية والنبل، لكل محب للمعروف، وباذل للعطاء، فلا تجعلوها إلا عرضة للمد والعون، وصنع البسمة، وجلب المسرّة لصغار لا يدرون، ولا يجب أن يدروا أن الحياة في الفقد قد تكون ثقيلة أحياناً كالرحى، وأن اليتم وإن كان يشعر الإنسان بالخواء، كمن يفرّغ من جوفك دم الحياة، وماءها المقدس، كجدار كان يسند تداعيات الأيام عنك ثم هوى، غير أنه وبالمقابل، وكما شهدت الحياة والتجارب مدعاة للتفوق والتميز، ولو كانت الأقدام حافية، والرؤوس حاسرة، والعيون في ليلها وصمتها باكية.
تحية إجلال لفعل إنساني من فم فارس شاعر تليق به المبادرات، وترتقي له المكرمات.. وتهنئة صافية من القلب للرجل الكريم في عيده وعيدنا المزدان بالخير والمعروف، والموصول من قبل ومن بعد بخليفة الجود والبِشر، سند المتن والظهر، تاج الوطن.


amood8@yahoo.com