ربما طالع الكثيرون منا بطرافة الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام ونظرت فيه محكمة الشارقة الشرعية، حول تلك المواطنة المسنة التي ساومت زوجها المسن على رفع مصروف جيبها من 500 درهم إلى 4000 هي قيمة “الشونة” التي تتلقاها شهرياً المطلقات والأرامل من وزارة الشؤون الاجتماعية. وعندما فشلت المحكمة على مدى ثلاثة أشهر في ثني المرأة الثمانينية عن رأيها، للحفاظ على عشرة الأيام الخوالي وافقت على أبغض الحلال.
وكان الزوج قد وافق على رفع مخصص الزوجة من 500 درهم إلى ألفي درهم، وقال إنه الحد الأقصى لما يمكن أن يدفعه لها شهرياً، وفشلت كل محاولات الصلح لتنتهي القضية هذه النهاية غير السعيدة لمن هم في سنهما.
أقول ربما نظر الكثيرون منا إلى هذا الخبر من زاوية الأخبار الطريفة أو الغريبة التي ترد في الصفحات الأخيرة من الصحف أو أبواب أخبار التسلية التي تجمعها بعض البرامج التلفزيونية. ولكنه يتطلب وقفة دراسة وتحليل للمتابعين للشأن الاجتماعي والمحلي باعتباره نموذجاً للنتائج العكسية التي يمكن أن تقود إليها تسهيلات ومساعدات تقدمها الدولة لمواطنيها، من أجل مساعدتهم على مواجهة تكاليف وأعباء الحياة، ولكن الهدف الجميل والسامي تحول عند البعض إلى منفذ لاستغلال القوانين واللوائح لتطويع تلك التسهيلات لمقاصد غير التي جاءت من أجلها، وُوضعت بسببها وقادت إلى نتائج عكسية، حين يجد بعض الناس أنفسهم أمام إغراء الاستفادة من هذه الأولوية لتسريع إنجاز معاملاتهم.
فهناك نفر من أصحاب المعاملات التي طال أمر البت فيها في دوائر البلدية والأشغال وأقسام الجنسية وغيرها من الدوائر، كلما توجهوا بالسؤال إلى المعنيين بمعاملاتهم القابعة في تلك الأدراج، جاءهم الرد بأن الأولوية للمطلقات والأرامل!!.
بعض غير القادرين أو القادرات على الانتظار قادهم التفكير للانتقال إلى فئات المطلقين أو القيام بصيغ للتحايل باللجوء إلى طلاق صوري أو غيره من الطرق والسبل، لأجل تسريع إنجاز ما يرجون في وقت كان بإمكان الدوائر والجهات التي ترفع شعار” الأولوية للمطلقات والأرامل” التعامل مع كل الطلبات في وقت واحد والبت فيها بسرعة، وهي التي تتوافر لديها كافة الإمكانيات المادية والموارد البشرية للقيام بذلك. وهذه المعاملة التي يراها البعض “تفضيلية” لهذه الفئة من المجتمع دفعت بأخريات لأشهار الطلاق في وجه الزوج عند أول سوء تفاهم يجري بين الطرفين، ودائماً ما يوجد طرف محرض يزين للطرف المستقوي بهذه الأولوية اتباع هذا الطريق لنيل ما يراه حقاً من حقوقه. وسجلات المحاكم تضم العديد من القضايا من هذا النوع، والضحية دائماً الأبناء والاستقرار الأسري الذي يحظى برعاية خاصة على أعلى المستويات.
ومن جديد نقول إن الخبر لم يكن طريفاً لكون بطليه متقدمين في السن، وانتهت حياتهما الزوجية الطويلة بهذه الصورة المؤلمة، وإنما الأمر يحمل أبعاداً يجب التوقف أمامها لمعالجة شمولية ومتكاملة لقضايا عدة، تتعلق بالإسكان أو المساعدات الاجتماعية وأمور الجنسية وغيرها من الأمور الحياتية والمرتبطة ارتباطاً مباشراً بمصالح الناس، وتوثر تأثيراً مباشراً على استقرار المئات من الأسر. وفي مقدمة الحلول المأمولة التعامل بمساواة بين الحالات والتصدي لأي تحايل للاستفادة من التسهيلات المقدمة.


ali.alamodi@admedia.ae