من ينظر إلى حال المستثمرين في أسواق الأسهم، لا يملك سوى أن يتألم على ما وصلوا إليه، فبعد أيام العز والثراء، جاءت أيام القحط والجفاف، وبعد أن كانت الأسهم تساوي من الدراهم العشرات، هبطت إلى القليل من الدريهمات، ثم تدنت إلى خانة الفلوس، واليوم أصبحوا يبيعون ويشترون على أجزاء من كل فلس من تلك الفلوس، فما أصعب هذا الحال.
«الأسهم للفقراء»، هذا هو لسان حال الكثير من المتعاملين في أسواق المال، لا يكف الكثير منهم عند تذكير رفاقهم بهذه العبارة، ومن يدري فلربما يصبح فقراء اليوم، أغنياء في المستقبل بفعل الأسهم ذات القيمة التي لا تتعدى بضعة فلوس.
خلال الأسبوع الماضي، بدأ تطبيق نظام التداول بالخانة العشرية الثالثة في سوق دبي المالي، للأسهم التي تدنت قيمتها إلى ما دون الدرهم الواحد، وأصبحت عروض البيع والشراء تشاهد بأرقام يصعب تفسيرها والتعرف عليها، فمن الطبيعي أن تكون قيمة السهم 50 فلساً على سبيل المثال، أما أن تصبح 50 وربع فلس فهي حالة جديدة لم نعتد عليها، ورغم ذلك فهذه خطوة جيدة من إدارة السوق لمنح عمليات التداول مزيداً من المرونة والسهولة في تنفيذ الصفقات.
لكن البعض يرى أن ما يحدث في أسواق المال كابوس مزعج، فبعد أن كانت بعض الأسهم تساوي ذهباً، كما كان يقال، تدنت إلى مستويات أقل بكثير، فأصبحت لا تساوي إلا قيمة السندويتشات والعصائر، أما اليوم فالحال دون ذلك، فما الذي سيحصل عليه المرء مقابل عدد محدود من الفلوس ونحن في العام 2010.
لا يستطيع المرء أمام هذا الحال، سوى أن يقول «سبحان مغيّر الأحوال»، وأن يُخلص الدعاء لمن يبيع ويشتري في تلك الأسواق، بأن يلهمه الله الصبر والقدرة على تحمل البلاء، فهذا هو حال الدنيا.. فالصحة والعافية أهم من أسهم تباع وتشترى بأجزاء من الفلوس، فلا بأس عليكم.
ولكن على هؤلاء أن يتذكروا أيضاً أن الأيام متقلبة ومتغيرة، لا يدوم أمر فيها على حال، فمثلما لم تدم أيام الثراء طويلاً، فإن أيام القحط لن تدوم، فصبراً يا أهل الأسهم، فما بعد ظلمة الليل سوى نور الصباح، وما بعد السهر والتعب والشقاء، سوى النوم والراحة والرخاء.

hussain.alhamadi@admedia.ae