عمر الربايعة لم تكن تداعيات الأزمة المالية العالمية التي انطلقت شرارتها صيف عام 2008، لتمر دون وقفة مراجعة تقود إلى أهمية تقييم النظام المالي العالمي، ومدى حاجته لإدخال إصلاحات جذرية.
فقد أسهمت آليات النظام المالي العالمي في تعميق تداعيات الأزمة المالية، وبدلا من أن يساعد هذا النظام على تخفيف حدتها، تحول إلى عبء على الاقتصاد العالمي وجزء اساسي من مكونات الأزمة، التي ضربت اقتصادات دول متينة ودفعت العديد من مؤسساتها نحو الانزلاق إلى هاوية الكساد والإفلاس.
وعلى الرغم من تعدد أسباب الأزمة وتعقدها إلا أن تباين النظام المالي العالمي واعتماده على معايير التقييم المختلفة، وإخفاق المؤسسات المالية على اختلاف أنواعها في تقدير حجم المخاطر التي تتحملها، ناهيك عن ضعف رؤوس الأموال والسيولة فيها، كل ذلك ساهم في تعميق آثار الأزمة وتفشيها.
الحديث عن أسباب الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها يطول، وما يهمنا بالدرجة الاولى تأثيراتها على اقتصادنا ومؤسساتنا المالية في الدولة، فبعد مضي نحو عامين على اندلاعها، أثبتت السياسات المالية التي تبنتها الحكومة، نجاحها إلى حد بعيد في امتصاص تداعيات الأزمة.
ويتضح ذلك من خلال حزمة الإجراءات السريعة التي اتخذتها الدولة والتي ساهمت في تقوية مواقف مؤسساتها المصرفية والنقدية، إضافة إلى تحريك عجلة النمو الاقتصادي والخروج من حالة الانكماش التي سادت دول المنطقة.
الإصلاحات التحفيزية ساعدت على تجاوز أسوأ مراحل الأزمة خلال فترة قياسية وبأقل الخسائر، فمضى الاقتصاد بخطى ثابتة نحو الانتعاش، ليسجل معدل نمو وصل إلى نحو 1.5% خلال العام الماضي، فيما تراجع التضخم إلى مستويات متدنية، وأصبح الميزان التجاري يميل لصالح الاقتصاد الوطني.
وبموازاة ذلك، توقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع الناتج الإجمالي للدولة بواقع 3% خلال العام الحالي، على أن يستمر بالنمو ليصل إلى 5% خلال العامين المقبلين، بينما سيصل نمو القطاع غير النفطي إلى 3% مع نهاية العام الحالي و4% خلال العام المقبل.
جملة الإصلاحات المالية والنقدية التي تبنتها الدولة والتي تمثل أبرزها بضمان الودائع لدى البنوك وتوفير تسهيلات لدعم المصارف بقيمة 120 مليار درهم، عززت من مقدرة المؤسسات المالية على مواجهة تداعيات الأزمة، وحسنت من وضع النشاط القرضي ليعود إلى مستوياته الطبيعية بشكل تدريجي.
لا شك في أن هذه الإجراءات جنّبت الاقتصاد الوطني العديد من المخاطر، ولكن المطلوب في المرحلة المقبلة وللحفاظ على ما تم إنجازه هو أن تسعى السلطات المالية في الدولة إلى إنشاء نظام للإنذار المبكر للتنبؤ المسبق باحتمالية ظهور أزمة في القطاع المالي، وجمع المعلومات وتحليلها في الوقت المناسب، والتوصية لصانعي القرار باتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة للتخفيف من حدة أية مشكلة قد تعرقل الجهود التنموية.
نظام الإنذار المبكر في القطاع المصرفي سيساعد على مواجهة تداعيات أية أزمة محتملة، كما أنه سيعمل على الكشف عن أهم مواطن الخلل قبل حدوثها بوقت كاف للحيلولة دون تكرار تلك الأزمات، وبما يسمح بالتدخل في التوقيت المناسب قبل انفجارها.

omar.rabaia@admedia.ae