الرياضة والموسيقى والتربية ثالوث الانتماء إلى الحياة، ومهد الحركة الذهنية والجسدية والروحية، وقد مرت أزمنة أهملت فيها الرياضة في المدارس، ومنعت الموسيقى والتربية الفنية بقرار من ذوي العقلية التي لا تتجاوز حدود أثر القدمين، ما جعل المدارس مجرد ثكنة قابضة على الأرواح، مسيجة العقول بسلاسل من نكد وكدر.
اليوم، وبعد أن تفتحت الأزهار وأينعت الثمار، وتفرعت الأغصان بات من الممكن الإفراج عن سجناء المزاج الثقافي ليرفلوا بأعوام قادمة بفرحة وسرور وانطلاق نحو الباحات الواسعة ليمارسوا حق الحياة في إشغال الذهن وتحريك الجسد فيما ينفع وما ينمي القدرات ويفتح الآفاق واسعة أمام المواهب.
تدريس الفن يعني تعليم الإنسان كيف يتعامل مع الورقة ومع اللون وكيف يشكل حياته ومشاعره بما تقتضيه هذه المشاعر من حاجات داخلية ملحة لا يجوز لأي قرار خارجي أن يقف عقبة أمامها ويحول دون تنفيذها.
في المناهج السابقة كان القرار المطلق ينبري سيفاً حاداً يقطع رقاب الحقيقة ويتجاوز المعقول ويمضي بالفكر الإنساني نحو الانغلاق والكبت والأحزان السوداوية المقيتة.
لم يفهم مقررو المناهج السابقة أن الفن ليس مزاجاً خارجياً بقدر ما هو حاجة فطرية ضرورية لتكوين الشخصية ولتأسيس بنيان أخلاقي يستند الى ثقافة الإبداع وتشكيل الأنا حسب متطلبات الحياة.
قرار وزارة التربية بزيادة حصص التربية الرياضية قرار، رغم تأخره، إلا أنه يجب أن يكون، والتأخر لا يعني أننا نقف بلا حراك ونظل نندم على ما فات.
جميل جداً أن نصحح الأخطاء، والأجمل أن نقتنع تماماً أن الإنسان كل متكامل، فهو ليس جسداً فحسب، بل هو روح وجسد وبينهما احتياجات ومستلزمات لا يمكن نكرانها تحت أي مسوغ أو مبرر، ولا يمكن لأي عقيدة أو مبدأ تستقيم جذوره دون الاستناد الى العلاقة النسيجية بين الروح والجسد.
أتمنى أن تزداد حصص التربية الفنية والموسيقى كذلك، وأتمنى أن يستقبل أبناؤنا الحياة بعقول كأغصان الشجر تتفرع وتينع مع اللون والصوت.

marafea@emi.ae