حاول الإنسان تفسير الانتقال من البساطة إلى التعقيد، ومن التجانس إلى التغاير في الخواص والعناصر الفنية، أخطأ وبالغ البعض في التأويل، حيث تم افتراض عدم قدرة البدائيين على أن يأتوا بفن جديد، يعود لسبب واحد هو أنهم كالأطفال، حيث كانت تنقصهم المهارة، أو أنهم لم يريدوا عمل شيء آخر، لأنهم ظلوا يحتفظون بعقلية الأطفال. وهذا افتراض خاطئ تم نبذة من قبل التطوريين الحديثين منذ أمد بعيد، وكانت تلك اعتقادات خاطئة افترضها كتاب القرن التاسع عشر مثل الكاتب البريطاني الفردهادون الذي تناول في كتابه الذي نشره عام 1910 نشأة الأنثربيولوجيا وتطورها، في أوروبا خلال النصف الثاني للقرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. لا يمكن حصر العقل البشري بمرحلة واحدة، كمرحلة الطفولة، لأن هناك عوامل أخرى تتدخل في عملية التبسيط أو التعقيد، ومن هذه العوامل التمركز حول الفردية، ومحاولة إيجاد لغة تمكن الفرد من التواصل مع الآخر، البدائيون في الحقيقة، كانت بداية تعاملهم مع الثقافة بشكل معقد وليس بشكل بسيط، كما يفترضه بعض الكتاب، لأن اللغة السائدة، لغة رمزية تجمع بين الحرف والرقم، وهي محاولة لبلوغ الجسد الأثيري، ومن ثم دخلت البساطة، كبساط يفرشه عامة الناس للتواصل مع بعضهم، بعيداً عن قيود السحر والشعوذة. لذا لا يمكن تقبل الآراء الخاطئة من الكتاب، حول حقيقة الفكر البشري لتطور الفنون، فالفن يخدم العصر الذي يولد على أرضه، الفن لغة تواصل وليس انفصالا عن الآخر. فما نشهده من سيادة الهمجية والبؤس يعود لغياب الدين، وليس لغياب الوعي، عندما تسود الشهوة والرغبات مكان المبادئ والأخلاق، تتدمر الثقافة ويذبل الفن، وهذا ما يقودنا نحو حقيقة واضحة، أن العقل والعلم مع الدين، وليس بعيدا عن الدين، يحقق نمط حياة أعلى وأفضل. ??? استبعد بعض الكتاب فكرة التطور في الفن، على أنها هبات خارقة تتسم بالإعجاز، بل إنها أجزاء متكاملة لتطور الإنسان الاجتماعي والثقافي، ولقوى التعاون والفكر والتعلم لديه، وقدرة الإنسان على نقل ما اكتسب من خبرة وتجربة إلى الأجيال اللاحقة، ومقدرته على تطويع البيئة نحو رغباته وأهدافه. science_97@yahoo.com